قيس» على قضاء «مصر». ولم يكن «عمر» فى حاجة إلى سن
قوانين للقضاة، لأنهم يحكمون طبقًا لكتاب الله وسنة رسوله،
ولكنه كان فى حاجة إلى تعليمهم كيف يتصرفون حين يلتبس
الأمر عليهم، وقد كتب لأحدهم يقول له: «فإن جاءك أمر ليس فى
كتاب الله ولم تكن فيه سنة من رسول الله، ولم يتكلم فيه أحد
قبلك، فاختر أى الأمرين شئتَ، إن شئتَ أن تجتهد رأيك وتقدِّم
فتقدم، وإن شئتَ أن تأخَّر فتأخر». ومن أعظم وصاياه للقضاة
وصيته لأبى موسى الأشعرى، ومما جاء فيها: «آس - أى سوِّ
بين الناس فى مجلسك ووجهك - حتى لا يطمع شريف فى حيفك -
ظلمك - ولا ييأس ضعيف من عدلك، والبينة على من ادعى واليمين
على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالا أو
حلل حرامًا .. ». إصلاحات عمر بن الخطاب وإنشاءاته: لعمر بن
الخطاب كثير من الإصلاحات والإنشاءات التى لم يُسبق إليها،
وسماها مؤرخو سيرته «أوليات عمر»، فهو أول من سُمى أمير
المؤمنين، وأول من اتخذ حادث الهجرة مبدأ التاريخ للدولة
الإسلامية، بعد أن استشار فى ذلك كبار الصحابة، وهو أول من
اتخذ بيت المال، وهو يشبه خزانة الدولة، وأول من مصَّر الأمصار
، أى بنى مدنًا جديدة كالبصرة و «الكوفة» فى «العراق»،
و «الفسطاط» - حى مصر القديمة حاليا - فى «مصر»، وأول من
وسَّع مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأدخل فيه دار
«العباس بن عبدالمطلب»، وفرشه بالحصباء، أى الحجارة
الصغيرة، وكانوا قبل ذلك يصلون على التراب. وهو أول من دوَّن
الدواوين، وهى تشبه الوزارات فى الوقت الحاضر، وقد اقتبس
هذا النظام من الفرس والروم، فأنشأ «ديوان العطاء»، وكان
مختصًا بالعطاء الذى فرضه «عمر» للمسلمين، وأنشأ «ديوان
الجند» - وزارة الدفاع حاليًا - و «ديوان الخراج» - وزارة المالية -
و «نظام البريد» الذى كان يُستخدم فى أمور الدولة. ومن أعظم
اجتهاداته إبقاؤه الأرض المفتوحة فى أيدى أهلها يزرعونها،