ويدفعون خراجًا -إيجارًا - للدولة، تنفق منه على الجيش والمرافق
العامة، كما أمر بإعادة مسح الأرض - أى قياسها واختبارها -
ووضع الخراج المناسب عليها. حسب جودة الأرض. وهو أول من
قنن الجزية على أهل الذمة، فوضع على الأغنياء ثمانية
وأربعين درهما للفرد الواحد فى السنة، وعلى متوسطى الحال
أربعة وعشرين درهمًا، وعلى الفقراء القادرين على الكسب
اثنى عشر درهمًا، وأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال
ورجال الدين والعاجزين عن الكسب، وقد سبق القول إنه فرض
للعاجزين عن الكسب من أهل الذمة عطاءً من بيت المال. وكما
ترك «عمر بن الخطاب» الأرض لأهلها يزرعونها؛ ترك معظم
الدواوين - وبخاصة «ديوان الخراج» - فى أيدى أبناء البلاد
المفتوحة يزاولونها بلغاتها؛ لأنها كما يقول العقاد: «ليست من
أسرار الدولة، وليس من الميسور أن ينصرف إليها فتيان العرب
عما هو أولى بهم، وهو فرائض الدفاع والجهاد». ولاشك أن
ترك تلك الأعمال فى أيدى أبناء البلاد المفتوحة كان مبعث
ارتياح لهم، فاطمأنوا للحكم الإسلامى، بل أخذوا يعتنقون
الإسلام، ويتعلمون اللغة العربية. استشهاده: فى يوم الأربعاء
الموافق ٢٦ من شهر ذى الحجة سنة ٢٣هـ وبينما «عمر بن
الخطاب» يسوِّى صفوف المسلمين فى صلاة الفجر كعادته كل
يوم، وبدأ ينوى مكبرًا للصلاة، إذا بأبى لؤلؤة المجوسى يسدد
للخليفة عدة طعنات بخنجر مسموم، فقطع أمعاءه، وسقط
مغشيًا عليه، واضطرب المسلمون فى الصلاة اضطرابًا شديدًا من
هول المفاجأة، وأقبلوا على القاتل محاولين القبض عليه، لكنه
أخذ يضرب شمالا ويمينًا بدون هدى، فأصاب اثنى عشر من
الصحابة، مات ستة منهم، ثم أتاه رجل من خلفه وألقى عليه
رداءه وطرحه أرضًا فلما أيقن «أبو لؤلؤة» أنه مقبوض عليه لا
محالة، طعن نفسه بالخنجر الذى طعن به أمير المؤمنين، ومات
على الفور قبل موت الخليفة نفسه ومات معه السر الخفى الذى