الشجرة، وبايع النبى نفسه نيابة عن «عثمان»، وقال: «إن
عثمان بن عفان فى حاجة الله وحاجة رسوله» وضرب بإحدى
يديه على الأخرى مشيرًا إلى أن هذه بيعة «عثمان»، فكانت يد
النبى - صلى الله عليه وسلم - لعثمان خيرًا من أيديهم لأنفسهم.
وكان من كُتاب الوحى كما هو معلوم. والأحاديث الواردة فى
فضل «عثمان بن عفان» وثناء النبى عليه كثيرة، من ذلك قوله
- صلى الله عليه وسلم -: «ألا أستحى من رجل تستحى منه
الملائكة؟». وكان عثمان بن عفان قريبًا من الخليفتين، «أبى
بكر الصديق» و «عمر بن الخطاب»، وموضع ثقتهما وأحد أركان
حكومتهما، ومن كبار مستشاريهما، وكان يكتب لهما، وهو
الذى كتب كتاب ولاية العهد من «أبى بكر» إلى «عمر بن
الخطاب» - رضى الله عنهما - وترتيب «عثمان» فى الفضل بين
الصحابة كترتيبه فى تولِّى الخلافة عند جمهور علماء الأمة. لم
يشأ «عمر بن الخطاب» أن يعهد بالخلافة إلى شخص بعينه،
وقال: «إن أعهد - يعنى لشخص محدد - فقد عهد من هو خير
منى - يقصد أبا بكر عندما عهد إليه هو نفسه - وإن لم أعهد فلم
يعهد من هو خير منى - يقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حين تركها شورى بين المسلمين». ولعل اجتهاده أدَّاه إلى أن
تصرف الرسول و «أبى بكر» يعطى له الفرصة أيضًا أن يختار
طريقة أخرى لاختيار من يخلفه، ليثرى بذلك طرق الاختيار،
وليرسخ فى أذهان الناس أن أمر اختيار الحاكم منوط دائمًا
بالأمة وإرادتها ورضاها، وهى التى تملك محاسبته وعزله إن
ارتكب ما يوجب العزل. رشح «عمر بن الخطاب» ستة من
الصحابة، ليتولى واحد منهم منصب الخلافة، ولم يأمر أحدًا منهم
أن يصلى بالناس إمامًا، حتى لا يظن الناس أنه يميل إليه، بل أمر
صهيبًا أن يصلى بالناس، لتكون فرصتهم فى الاختيار متساوية،
وشدد على ألا تمضى ثلاثة أيام بعد وفاته إلا ويكون عليهم أمير
من هؤلاء الستة يتولى مسئولية الخلافة ويتحمل تبعاتها. وبعد