للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الذمة، ورعاية جميع طوائف الأمة. وفى عهده استمر

المسلمون فى فتح شمال أفريقيا كما تم نشأة الأسطول

الإسلامى للدفاع عن الثغور الإسلامية وكان مما قام به هذا

الأسطول هو فتح جزيرة قبرص سنة ٢٨ هـ وإلحاق الهزيمة

بالأسطول البيزنطى فى معركة ذات الصوارى سنة ٣٤ هـ. مصحف

عثمان: إذا كان لعهد «عثمان بن عفان» - رضى الله عنه - أن

يفخر بما أنجز فيه من الأعمال العظيمة؛ فإن له أن يفخر بما هو

أعظم منها جميعًا، وهو جمع القرآن الكريم على لغة واحدة.

للقرآن صورتان: صورة صوتية مقروءة، وأخرى مكتوبة مدونة،

وقد حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تدوين الآيات فور

نزولها، وقبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى راجع مع «جبريل» -

عليه السلام - ترتيب الآيات والسور مرتين. وقد حفظ الصحابة

القرآن باللهجات التى درجوا عليها، وأجاز لهم النبى - صلى الله

عليه وسلم - ذلك، ولذا ظهرالاختلاف فى وجوه القراءة بين

الصحابة من بدء نزول القرآن، نتيجة للهجة التى اعتادها اللسان.

ولما جُمِعَ القرآن الكريم الجمع الأول فى الصحف فى عهد «أبى

بكر» بهيئته المكتوبة، بقيت الصورة الصوتية كما هى، ولما

فُتحت البلاد وتفرق الصحابة فيها، أخذ أهل كل إقليم يقرءون

القرآن بقراءة الصحابى أو الصحابة الذين عاشوا بينهم، فتمسك

أهل «الكوفة» بقراءة «عبد الله بن مسعود»، وأهل الشام

بقراءة «أبى بن كعب»، وأهل «البصرة» بقراءة «أبى موسى

الأشعرى»، ومع اتساع الفتوحات، زاد الخلاف بين المسلمين

حول قراءة القرآن، وتحول الأمر إلى تعصب، بل كاد أن يؤدى

إلى فتنة بينهم، مما أفزع «حذيفة بن اليمان» الصحابى الجليل،

وكان يقرأ فى «أذربيجان»، فرجع إلى «المدينة»، وأخبر

«عثمان بن عفان»» بما رأى. جمع «عثمان» الصحابة، وأخبرهم

الخبر، فأعظموه، ورأوا جميعًا مارأى «حذيفة» من ضرورة جمع

الناس على مصحف واحد، وأرسل «عثمان» إلى أم المؤمنين

«حفصة بنت عمر» أن تبعث إليه بالمصحف الذى جُمع فى عهد

<<  <  ج: ص:  >  >>