للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- والطريق الآخر: يمر عبر (الخليج العربى)، حيث تواصل السفن سيرها

وتفرغ حمولتها فى أقصى شماله، حيث (ميناء الأيلة) غربى (البصرة)

الحالية فى (العراق)، ثم تنقل البضائع على القوافل برا عابرة

(العراق) إلى (الشام)؛ حيث تفرغ حمولتها فى موانيه مثل (عكا)

و (صور) و (صيدا) و (بيروت) و (اللاذقية) و (أنطاكية)، ثم تشحن بحرًا إلى

(أوربا).

وقامت التجارة فى أغلبها على جلب الحرير من (الصين)، والتوابل

والبخور من (الهند)، وكانت هذه المواد مطلوبة على نطاق واسع فى

(أوربا)، وكان العرب يقومون بدور فعال ونشط فى عملية التجارة

هذه، واستفادوا منها فائدة كبيرة، بل إن بعضهم مثل عرب (الحجاز)

وبصفة خاصة (قريش) كانت حياتهم الاقتصادية تقوم على التجارة،

وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فى سورة قريش، فقال: {لإيلاف

قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذى

أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.

وفى العصر الأموى لم يعد العرب وسيطًا تجاريا لنقل البضائع بين

الشرق والغرب، وإنما أصبحوا سادة الموقف كله، بعد امتلاكهم

الطرق التجارية البحرية والبرية، من (الصين) إلى (الأندلس)، فبالإضافة

إلى ما سبق الحديث عنه بسط المسلمون سيادتهم على الطريق الذى

يبدأ من شمالى الصين، ثم يجتاز هضاب وسط آسيا وسهولها - بلاد

(ما وراء النهر) - ثم يتفرع إلى عدة طرق، تنتهى كلها إلى موانئ

(البحر الأسود) و (البحر المتوسط)، ويمر معظمها فى الأراضى

الإسلامية، ثم تنقل التجارة إلى (أوربا الشرقية) والجنوبية، أمَّا

(أوربا الغربية) و (شمالى إفريقيا) و (الأندلس)، فكانت معظم تجارتها

تأتى من الطريق الأول عبر الموانئ المصرية.

وقد سيطر المسلمون على النشاط التجارى كله فى تلك الرقعة

الواسعة من الأرض وأصبحت بلادهم تصدِّر البضائع والمنتجات إلى

بلاد الشرق والغرب. فتصدر إلى (الصين) المنسوجات الصوفية

والقطنية والكتانية، والبُسُط، والمصنوعات المعدنية، وخام الحديد،

<<  <  ج: ص:  >  >>