رجب سنة (٩٢هـ)، واستولى عليه بعد عدة معارك مع القوات القوطية
التى كانت تقوم بحراسته، وتوغَّل فى جنوبى البلاد.
وما إن علم الملك «روذريق» بنزول المسلمين فى بلاده - وكان فى
شمالى غربى البلاد مشغولا بقمع ثورة اندلعت ضده - حتى عاد
مسرعًا للقاء المسلمين على رأس جيش قوامه نحو مائة ألف جندى،
ولما علم «طارق» بعودة الملك طلب مددًا من «موسى بن نصير»،
فأمدََّه بخمسة آلاف، وأصبح عدد جيشه اثنى عشر ألفًا، والتقى
الفريقان فى أواخر شهر رمضان سنة (٩٢هـ)، وحقق المسلمون نصرًا
حاسمًا، ويؤكد المؤرخون أن هذه المعركة المعروفة باسم معركة
«شذونة» قد قررت مصير «الأندلس» لصالح المسلمين، لأن الجيش
القوطى دُحر تمامًا، وهبطت روحه المعنوية إلى الحضيض، ولم يعد
قادرًا على المقاومة، فانفتح الطريق أمام البطل الفاتح «طارق بن
زياد»، ليستولى على مدن مهمة، مثل: «قرطبة»، و «غرناطة»،
ووصل إلى «طليطلة» فى وسط البلاد، وكانت عاصمة البلاد فى ذلك
الوقت.
أرسل «طارق» إلى «موسى بن نصير» يبشره بهذه الانتصارات،
ويطلب منه مددًا جديدًا، فعبر إليه بنفسه على رأس قوة كبيرة قوامها
ثمانية عشر ألفًا، ونجح فى فتح عدد من المدن فى غربى البلاد مثل
«إشبيلية» وهو فى طريقه إلى لقاء «طارق» فى «طليطلة».
اتفق القائدان العظيمان على استكمال فتح «الأندلس»، فاتجه كل
منهما إلى ناحية فأخذ «طارق بن زياد» طريقه إلى الشمال الشرقى،
فى حين اتجه «موسى» إلى الشمال الغربى، ونجح الاثنان فى
غضون عامين (٩٣ - ٩٥هـ) فى فتح معظم «شبه الجزيرة الأيبرية»،
عدا منطقة جبلية فى أقصى الشمال الغربى، استعصت عليهم، أو لم
يحفلوا بها، ولم يدروا أنها ستكون فيما بعد البؤرة التى ستنمو فيها
المقاومة النصرانية.
وقد استمر الإسلام فى «الأندلس» زهاء ثمانية قرون، شاد المسلمون
خلالها حضارة عظيمة، جعلت منها البقعة الوحيدة المضيئة فى القارة