«مصر»، وبايع للحاكم، وأعلن تبعية بلاده لخلافته، ثم أقطع
عمه «حماد بن يوسف» مدينة «أشير»، وولاه عليها، وأعطاه
خيلا وسلاحًا، وجندًا كثيرًا، فكانت هذه هى نقطة البداية
لانقسام «بنى زيرى» إلى أسرتين: تحكم إحداهما بالمغرب
الأدنى فى «ليبيا» و «تونس»، وتحكم الأخرى - أسرة «بنى
حماد» - فى «الجزائر»، متخذة من قلعة «بنى حماد» مقرا للحكم.
وانفرد «بنو حماد» بإقليم «الجزائر»، نظرًا لضعف قبضة الأمير
«باديس» على البلاد. وقد واصل «باديس» مطاردة «زناتة، وأُخبر
فى سنة (٣٨٧هـ= ٩٩٧م) بأن «زيرى بن عطية الزناتى» قد
اعتدى على مدينة «أشير»، فبعث إليه بجيشه لمواجهته، ولكن
الجيش هُزم على أيدى الزناتيين، فاضطر الأمير «باديس» إلى
الخروج بنفسه لمواجهتهم فى «أشير»، فلما علم الزناتيون بذلك
انطلقوا إلى الصحراء، وتركوا المدينة، فدخلها «باديس»، وأقر
الأمور بها، ثم مات فى سنة (٤٠٦هـ= ١٠١٥م). ٤ - المعز بن باديس
[٤٠٦ - ٤٥٣هـ= ١٠١٥ - ١٠٦١م]: أُخذت البيعة للمعز بمدينة
«المحمدية»، وتولى الأمر يوم وفاة أبيه وفرح الناس بتوليته لما
رأوا فيه من كرم ورجاحة عقل، فضلا عن تواضعه، ورقة قلبه،
وكثير عطائه، على الرغم من حداثة سِنه. وقد حدثت فى عهده
بعض التطورات، حيث ألغى المذهب الشيعى، وخلع طاعة
الفاطميين، ودعا على منابره للعباسيين، وتصالح مع أبناء
عمومته الحماديين سنة (٤٠٨هـ= ١٠١٧م)، وواصل مطاردة «قبائل
زناتة» جهة «طرابلس»، فى أبناء «حماد». ثم أُصيب «المعز بن
باديس» بمرض فى كبده أودى بحياته فى سنة (٤٥٣هـ=
١٠٦١م)، بعد حكم دام سبعًا وأربعين سنة. ٥ - تميم بن المعز بن
باديس [٤٥٣ - ٥٠١ هـ = ١٠٦١ - ١١٠٨م]: وُلد بالمنصورية فى
منتصف رجب سنة (٤٢٢هـ= يونيو ١٠٣١م)، ثم تولى إمرة
«المهدية» فى عهد والده «المعز» فى سنة (٤٤٥هـ=١٠٥٣م)، ثم
خلف والده فى الإمارة فى سنة (٤٥٣هـ= ١٠٦١م)، فواجه عددًا