بالعهد واللواء مع «غالب الشيرازى» أحد رجالهم، ولكن «غالب»
وقع فى قبضة الروم، وأرسلوه إلى أصدقائهم الفاطميين
بمصر، فأحرق الفاطميون العهد واللواء، وطافوا بالرجل فى
شوارع «القاهرة»، فقطع «بنو زيرى» علاقتهم بالفاطميين،
وعادوهم ولعنوهم على المنابر، ودعوا للعباسيين، ثم دعموا
استقلالهم وارتباطهم بالعباسيين، وهدموا دار «الإسماعيلية»؛
مركز نشر الدعوة الفاطمية بالبلاد، وغَيَّروا العملة، واتخذوا اللون
الأسود شعار العباسيين رمزًا لهم. وقد حاولت الخلافة الفاطمية
إرجاع العلاقات إلى ما كانت عليه بالترغيب والترهيب حتى
وصل «اليازورى» إلى منصب الوزارة وقبض على مقاليد الأمور
بالخلافة، فعمد إلى تشجيع القبائل الهلالية على التوجه إلى
«القيروان» وأطلق لها العنان فى التدمير والتخريب، وامتلاك كل
ما يقع تحت سيطرتها. ويرجع تشجيع الوزير الفاطمى لهذه
القبائل لعدة أمور، منها: رغبته فى الانتقام من «المعز بن
باديس»، وتوفير الأموال الطائلة التى ستنفقها الجيوش إذا ما
خرجت إلى المغرب لمحاربة «بنى زيرى»، فضلاً عن أمله فى
التخلص من القبائل الهلالية ذاتها؛ لأنها تشكل مصدر إزعاج
وقلق للسلطة الحاكمة بالقاهرة. وقد فرض الوزير الفاطمى
«اليازورى» دينارًا وبعيرًا لكل رجل من «الهلالية»، فخرجت هذه
القبائل قاصدة «القيروان» واستولت على مدينة «برقة» دون
مقاومة، وتقاسمت فيما بينها المناطق الشرقية، واستأثرت بعض
قبائل «بنى هلال» بالمناطق الغربية، واتجهت جموع «دياب»
و «عُرف» و «زغب». وبقية البطون الهلالية إلى «إفريقية»،
واستولوا على «سرت» و «أجدابية» ودمروها، كما دمَّروا بقية
المدن والقرى فى طريقهم إلى «القيروان». وخرج «المعز بن
باديس» بجيشه وجموع «زناتة» و «صنهاجة» و «عبيدة» لملاقاة
الهلاليين، ولكنهم تغلبوا عليه وهزموه على الرغم من أن عددهم
كان لا يتجاوز ثلاثة آلاف فارس، فى حين بلغ تعداد جيش