للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«المعز» ثلاثين ألف مقاتل، وأسرع المعز إلى «القيروان» وأقام

حولها سورًا لحمايتها فى سنة (٤٤٦هـ= ١٠٥٤م)، ثم أمر السكان

من النساء والأطفال والشيوخ بالانتقال إلى مدينة «المهدية»

الحصينة للاحتماء بها، فلما يئس من حماية «القيروان»، انتقل

برجال دولته وحاشيته إلى «المهدية»، فدخلها الهلاليون فى

سنة (٤٤٩هـ= ١٠٥٧م). ولم يمكث «المعز» طويلا بعد سقوط

«القيروان» والكثير من مدن دولته، وتوفى بالمهدية فى سنة

(٤٥٣هـ= ١٠٦١م)، ومن ثَم انهار الحكم الزيرى بالمنطقة، وتحكمت

فيها القبائل الهلالية، وامتد تأثيرهم السياسى حتى وصل إلى

«المغرب الأوسط»، وهادنهم «بنو حماد»، وأعطوهم نصف غلات

بلادهم اتقاء لشرهم، ودفعًا لأذاهم وخطرهم. كانت الزراعة هى

دعامة الحياة الاقتصادية فى المنطقة، التى تمتعت بالهدوء

والاستقرار فى ظل الحكم الزيرى فيما عدا الفترة التى شهدت

هجوم العرب الهلالية على البلاد، وقد ساعد تطور نظام الرى

على تطور الزراعة، فعرفت المنطقة زراعة «القطن» و «قصب

السكر» و «الشعير» وازدهرت زراعة «التمر» و «العنب»

و «الموز»، ولعبت تربية الأغنام دورًا مهما فى حياة الفلاح

المغربى. وقامت الأسواق المنتشرة بالمدن المغربية بدور مهم

فى تنشيط الحركة التجارية؛ حيث كانت هناك أسواق: البزازين،

والجزارين، والزجاجين، وسوق الدجاج، وسوق الغزل، وغيرها

من الأسواق التى ساعدت على ازدهار التجارة، وبخاصة فى

مدينة «القيروان»، فأصبحت «المغرب» بلدًا غنيا، وباتت قبلة

تجار الشرق والغرب. ونشطت حركة التصدير والاستيراد بها،

واشتهرت مدينة «باجة» بتصدير كميات كبيرة من «القمح»، كما

صُدِّر «زيت الزيتون» عن طريق ميناءى «سوسة» و «صفاقس»

إلى بلدان المشرق، وبلاد «أوربا»، فأدى هذا الازدهار إلى

تطور الصناعات، وعرفت المدن المغربية صناعات «النسيج»

و «الجلود»، و «الأوانى الفخارية»، وغيرها من الصناعات

<<  <  ج: ص:  >  >>