القيادة العليا للبلاد، وأصبحت طائفة اليهود على قدر كبير من
الثراء، ولكن بعض أهل الذمة عمدوا إلى مساعدة أعداء البلاد،
وتحريضهم على غزوها، فكان رد فعل أمراء المرابطين هو نفى
عدد كبير من هؤلاء، ومنْع اليهود من المبيت بالعاصمة
«مراكش»، والسماح لهم بالعمل نهارًا، والانصراف منها ليلاً؛
وهو إجراء وقائى للحفاظ على العاصمة من المؤامرات والدسائس
والفتن، وبها ما بها من تجمعات الجند وقادة الجيوش، وإدارة
البلاد، فضلا عن كونها مقر أمير البلاد وأسرته وأعوانه
وحاشيته. انتعشت حركة البناء والتعمير فى «دولة المرابطين»،
وقد بدأها الأمير «يوسف بن تاشفين» بتأسيس مدينة «مراكش»
وبنائها، وغيرها من المنشآت، وتبعه فى ذلك ابنه «على»
والأمراء من بعده، وامتازت مبانى المرابطين بالضخامة والقوة
والاتساع، والاقتصاد فى الزخرفة تمشيًا مع بساطتهم. وتعد
«مراكش» من أبرز أعمال المرابطين، وكان سبب بنائها، ازدحام
مدينة «أغمات» بقبائل المرابطين القادمين من الجنوب، يضاف
إلى ذلك موقعها الاستراتيجى فى مفترق طرق الأطلس
والصحراء، وقربها من مواطن المصامدة الذين يشكلون غالبية
السكان، وكذلك قربها من صحراء المرابطين ومواطن «لمتونة»؛
حيث توجد الإمدادات العسكرية، وتأسست «مراكش» على أرجح
الآراء فى سنة (٤٥٤هـ= ١٠٦٢م)، وشارك الأمير «يوسف» فى
البناء لتشجيع من حوله فى المساهمة، ثم بنى فيها ابنه الأمير
«على» قصره المعروف بدار الحجر، وأحاطه بالأسوار. عاشت
«دولة المرابطين» نهضة فكرية مزدهرة، ازدهرت فيها علوم
الأدب واللغة والعلوم والفلسفة والطب، ووفد طلاب العلم على
المدن المغربية من كل مكان، وقد ساعد على ذلك تشجيع الأمراء
المرابطين للعلماء وطالبى العلم، فقصد العلماء العاصمة
«مراكش»، وانتظم الطلاب فى دراساتهم، واجتهد كل ذى موهبة
فى إبراز ما لديه، ورغب كثير من أبناء «المغرب» فى طلب