وتعددت أغراضها ونشطت مراكزها، خاصة وأن الموحدين تركوا
وراءهم صناعة مزدهرة بهذه البلاد، وجاء المرينيون فازدهرت
فى عهدهم صناعة عصر الزيتون وصناعة السكر، واهتموا
بالصناعات الحربية نظرًا لكثرة حروبهم، ويُروى أنهم كانوا
روَّادًا فى استعمال البارود، بل لعلهم - كما يقول «ابن خلدون» -
أول من استعمله فى صناعة المدافع التى استخدمت فى قذف
الأسوار وتحطيمها. ولم يهمل «بنو مرين» التجارة، بل حرصوا
على توفير الأمن للقوافل واهتموا بالتجارة، وأكثروا من
الأسواق المتخصصة، وزادوا من عدد الحوانيت ووفروا الراحة
للتجار، وأنشأوا لهم الفنادق مثل: «فندق الشماعين»، الذى كان
من أهم مراكز التجميع لكبار التجار. وقد تعددت طرق التجارة،
وأقام المرينيون علاقات تجارية مع كثير من الأقطار، فنشطت
التجارة الخارجية، وكان التجار المغاربة يحملون الذهب والصمغ
من «السودان» إلى «الأندلس»، وقاموا بتصدير المنسوجات
الصوفية والجلدية إلى «أوربا»، واستوردوا الآلات الحديدية
والأحواض الرخامية، وكان لميناء «سبتة» وغيره من الموانى
دور بارز فى تسهيل عمليتى استيراد هذه البضائع وتصديرها.
تشكل المجتمع المرينى من عدة عناصر جاء البربر فى مقدمتها،
وجاءت «قبيلة هنتانة» التى تنتمى إليها الأسرة الحاكمة فى
مقدمة القبائل البربرية. ولاشك أن هذه القبيلة التى أسست
«الدولة المرينية» قد احتلت مركز الصدارة بالدولة، وتلتها فى
المرتبة القبائل الهلالية، ثم القبائل التركية، ثم بقايا الروم
والفرنج الذين انضموا إلى الجيش المرينى. وقد اتسم بلاط
المرينيين فى بداية عهدهم بالبداوة، ثم أخذوا بمظاهر الرقى
والترف بعد أن استقرت لهم أوضاع البلاد، وثبتت أركانها
وتنوعت احتفالات المرينيين، وتعددت بها مظاهر الأبهة والعظمة
وكان لاستقبال الوفود وتوديعها احتفال خاص يليق بالدولة، كما
كان الاحتفال بعيدى الفطر والأضحى، والمولد النبوى، من أهم