ما حرص عليه سلاطين هذه الدولة. وحظى البناء والتعمير بمرتبة
رفيعة لدى المرينيين، واهتموا به اهتمامًا بالغًا، وشيدوا عدة
مدن تأتى فى مقدمتها مدينة «فاس الجديدة» أو «الدار البيضاء»
التى أنشأها السلطان «يعقوب بن عبدالحق»، فى سنة (٦٧٤هـ=
١٢٧٥م)، لتكون عاصمة لبلاده بدلا من العاصمة القديمة «فاس»
التى ازدحمت بالناس. كما بنى «يوسف بن يعقوب» مدينة
«المنصورة» أثناء حصاره لمدينة «تلمسان» سنة (٦٩٨هـ=
١٢٩٩م) واختط بها قصره ومسجدًا، ومساكن للجند والدور
والفنادق والبساتين، ثم أُحيطت المدينة بسور كبير. هكذا بنى
المرينيون المساجد الكبيرة بشتى مدن «المغرب الأقصى»،
وعنوا بفرشها وتزويدها بالماء اللازم للوضوء، وكان المسجد
الجامع الذى بنى بفاس الجديدة سنة (٦٧٧هـ= ١٢٧٨م) من أهم
هذه المساجد. وكانت المدارس من أهم المنشآت التى حرص
المرينيون على إقامتها، فأقاموا «مدرسة الصفارين» فى عهد
السلطان «يعقوب» الذى عين لها المدرسين، وأجرى على
طلبتها النفقات اللازمة، وزودها بخزانة للكتب، وبنى السلطان
«أبو سعيد» عدة مدارس منها: مدرسة العطارين، ومدرسة المدينة
البيضاء، ومدرسة الصهريج. ولم يغفل المرينيون إنشاء
المستشفيات، فأقام السلطان «يعقوب بن عبد الحق» عدة
مستشفيات للمرضى والمجانين، ووفر لها الأطباء، وأجرى
عليهم المرتبات، كما خصص جزءًا كبيرًا من أموال الجزية لرعاية
الجذامى والعميان. ورث «بنو مرين» عن المرابطين والموحدين
ثروة ثقافية كبيرة، فأسهموا بدورهم فى زيادة هذه الثروة،
وأنشئوا المؤسسات العلمية كالمساجد والمدارس، ورحبوا
بالعلماء القادمين من «الأندلس» وغيرها؛ وشجعوهم على بذل ما
لديهم دفعًا للحركة العلمية بالبلاد. فاهتم العلماء بتفسير القرآن،
وبرع عدد كبير منهم فى هذا العلم أمثال: «محمد بن يوسف بن
عمران المزداغى» المتوفى عام (٦٥٥هـ= ١٢٥٧م)، و «محمد بن
محمد بن على» المعروف بابن البقال المتوفى عام (٧٢٥هـ=