العباس» واليه على «الشام» بالإعداد لمواجهة البيزنطيين، ولكن
الموت عاجله، وجاء «المنصور» فأمر بتحصين الثغور وإعادة بناء ما
هدمه البيزنطيون، وجعل لها حكمًا إدارياً مستقلاً، وحشد فيها آلاف
المقاتلين والمرابطين فى سبيل الله.
وكانت هذه الثغور تنقسم إلى قسمين:
١ - الثغور الجزرية: للدفاع عن الجزيرة الفراتية وشمال «العراق»
وأهم حصونها «ملطية» و «المصيصة»، و «مرعش».
٢ - الثغور الشامية: وتقع غرب الثغور الجزرية، وهى للدفاع عن
«الشام»، وأهم حصونها «طرسوس»، و «أدنة».
وفى سنة (١٦٢هـ=٧٧٩م) أرسل «المهدى» جيشًا ضخمًا بقيادة
«الحسن بن قحطبة»، فتوغل فى بلاد الروم ونشر الرعب بين
صفوفهم.
وفى سنة (١٦٣هـ= ٧٨٠م) خرج «المهدى» بنفسه على رأس الجيش
متجهًا إلى الحدود البيزنطية، ووصل إلى «الموصل» ثم «حلب»؛ حيث
ترك ابنه «هارون الرشيد» ليتابع جهاده ضد البيزنطيين، وفى عهد
«الرشيد» (١٧٠ - ١٩٣هـ= ٧٨٦ - ٨٠٩م) أمر بجعل منطقة الثغور منطقة
مستقلة باسم «الثغور والعواصم» وأقام خطين للدفاع عن حدود
الدولة مع البيزنطيين، الخط الأول هو الثغور، والخط الثانى إلى
الجنوب من الخط الأول، ويُسمَّى: العواصم.
كما قام «الرشيد» ببناء حصون جديدة، مثل «عين زرية»، و «زبطرة»
وغيرهما. وقد حاول «نقفور» إمبراطور «الدولة البيزنطية» الامتناع
عن دفع الجزية للخلافة العباسية، فأرسل إليه «الرشيد» يقول: «بسم
الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم،
قد قرأت كتابك يا بن الكافرة والجواب ما تراه دون أن تسمعه
والسلام». وخرج «الرشيد» بنفسه على رأس جيش ضخم ألحق الهزيمة
بالقوات البيزنطية وأرغم الإمبراطور «نقفور» على الخضوع ودفع
الجزية مرة أخرى.
ونظرًا لكثرة المعارك بين العباسيين والبيزنطيين، فقد وقع كثير من
جنود الطرفين أسرى، وقد حرصت الخلافة العباسية على فداء
أسرى المسلمين، فى عهد «الرشيد» سنة (١٨١هـ= ٧٩٧م).