للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصور فى سنة (٣٨٨هـ = ٩٩٨م) أعفى الناس من إلزامهم

بالغزو؛ بسبب ما وصلت إليه أعداد الجيش وما توافر له من قوة،

واكتفى بالقوات المرابطة، وقد بلغ الجيش المرابط أى الثابت فى

زمن المنصور (١٢١٠٠) من الفرسان يصرف لهم جميعًا المرتبات

والسلاح والنفقة بخلاف (٦٠٠) فارس للحراسة الخاصة، أما الجيش

المرابط من الرجَّالة فقد بلغ ستة وعشرين ألفًا، وكان هذا العدد

يتضاعف بمن ينضم إليه من المتطوعة أثناء الصوائف ولا يدخل

فى هذا الخيل ومطايا الركوب ودواب الحمل وغيرها من العدد،

وكان المنصور يتولى قيادة قواته بنفسه غالبًا. وقد حققت

غزواته أهدافها من ردع النصارى ومنعهم من الهجوم على

أراضى المسلمين، وكان يعرف أبرز جنده جميعًا بأسمائهم

ويدعوهم إلى المآدب التى يقيمها عقب كل انتصار، ومع ذلك

فإن المحصلة النهائية لغزواته كانت ضعيفة فهو لم يقضِ على

كل قوى النصرانية أو يسحقها، وغزواته وإن أضعفت

النصارى، فإنها لم تغير أحوالهم، وبقيت حدود دولة الإسلام

على ما هى عليه، فهى غزوات دويها عظيم تجذب الناس إليها،

لكن نتائجها قليلة فقد أنهكت قوى الجيوش الإسلامية دون أن

تحقق هدفًا ثابتًا أو تقضى على خصم، إنها مثل الطبل الأجوف

صوت كبير وعمل قليل. إدارة المنصور: أظهر المنصور مقدرة

كافية ممتازة فى جميع المناصب التى تولاها وشهدت البلاد فى

زمنه أمنًا واستقرارًا وطمأنينة لم تعرفها قبله، وفى زمنه لم

تعرف البلاد الثورات مقارنًا بغيره، وازدهرت الصناعة والتجارة

والزراعة، وارتقت العلوم والآداب، وامتلأت خزائن قرطبة بالمال

حتى وصلت الإيرادات إلى نحو أربعة ملايين دينار، بخلاف

الموارد من المواريث ومال السبى والغنائم، وقد عاون المنصور

مجموعة من الكتاب والوزراء فى هذا العصر من أبرزهم: «أبو

مروان عبدالملك بن شهيد» و «محمد بن جهور» و «أحمد بن سعيد

بن حزم» والد الفيلسوف المشهور، و «خلف بن حسين بن حيان»

<<  <  ج: ص:  >  >>