فى ولاية أمر المسلمين، ولجأت إلى تأويل القرآن بما يتفق مع
تأييد وجهة نظرها، بزعم أن أبناء «فاطمة» بنت رسول الله
وذريتها هم وحدهم القادرون على هذا التأويل، ولديهم معنى
واضح وآخر باطن لكل كلمة قرآنية. بمجىء الفاطميين إلى
«مصر» أصبحت «القاهرة» مقر داعى الدعاة؛ الذى له حق
الإشراف على الدعوة فى «مصر» والعالم الإسلامى، وعليه
إرسال الدعاة فى أنحاء العالم أجمع للتبشير بمذهب الفاطميين،
ولهذا كان يجب عليه أن يكون عالمًا بالمذهب الإسماعيلى،
عارفًا بأسرار العقيدة، بليغًا، ذكيا، عالمًا بقواعد الدين. كانت
مجالس الدعوة تُعقد بصفة منتظمة ودورية، فخصص يوم الأحد
للرجال، ويوم الثلاثاء للأشراف والشخصيات المرموقة، ويوم
الأربعاء للنساء، وكانت المحاضرات المقروءة فى هذه المجالس
تُسمَّى: مجالس الحكمة، أو مجالس الدعوة، فإذا فرغ الداعى من
إلقاء محاضرته تزاحم عليه الناس فى طقوس غريبة، فيمسح على
رءوسهم برقعة وضع عليها الخليفة توقيعه. كان الداعى يلى
قاضى القضاة فى الرتبة والمكانة، وكان راتبه الشهرى مائة
دينار مثل راتب القاضى، وتلقَّب بألقاب فخمة مثل: «الشيخ
الأجلّ»، وكانت له سلطة روحية غير محدودة على جميع الشئون
السياسية والدينية فى الدولة. النظام الحربى: كان الجيش
الفاطمى من أقوى الجيوش فى عصره، وكانت له دواوين خاصة
قامت على تنظيمه وإعداده، كديوان الجيش الذى أشرف على
إعداد الجنود وأعدادهم، وديوان الرواتب الذى اختص بتسجيل
العطاءات، وديوان الإقطاع الذى اختص بالنظر فى الإقطاعات
التى تمنحها الدولة لبعض العسكريين مقابل قيامهم بواجبات
معينة، وقد أتت مكانة قائد الجيش بعد صاحب الباب الذى كان
يلى الوزير مباشرة، وتميز قادة الجيش عن بعضهم بعلامات
يحملونها، وسكن الجنود فى معسكرات خاصة بهم حتى لا
يضايقوا الأهالى فضلا عن تواجدهم فى مراكز الحدود. روى
«المقريزى»: «أن خزائن المال وأمتعة الجيش حملها عشرون ألف