للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُميِّت بذلك لأنها تقهر من يشذ عنها. أحاط «جوهر» «القاهرة»

بسور كبير من الطوب اللَّبِن، وإلى الجنوب الشرقى منها كانت

مدينة «الفسطاط»، وإلى الغرب منها وقع ميناء «المقس»، ثم

وضع «جوهر» أساس القصر الذى شيده من أجل مولاه «المعز»،

ذلك القصر الذى قيل عنه إنه احتوى على أربعة آلاف حجرة،

وتأثَّث بفاخر الرياش، وبأفخر ما يحتاج إليه خاصة الناس لاسيما

الملوك والخلفاء. كانت «القاهرة» مدينة الخاصة، فلم يكن أحد

يسكنها إلا الخليفة ورجاله، وقد بنى «العزيز بن المعز» فيها

قصرًا عُرِف بالقصر الغربى، فعرفت المنطقة الواقعة بين قصرى

«المعز» و «العزيز» - الشرقى والغربى- باسم: «بين القصرين»،

وكان «الأزهر» أول مسجد شُيد فى «القاهرة» المعزية، وقد

شرع «جوهر» فى بنائه يوم السبت الموافق (٤ من رمضان سنة

٣٥٩هـ)، وأقيمت الصلاة به لأول مرة فى (٧ من رمضان سنة

٣٦٠هـ)، وصار منذ ذلك الوقت إلى الآن أشهر جامع فى العالم

الإسلامى، وكان «على ابن النعمان» أول مَنْ مارس التدريس

فيه، حيث أملى على الطلاب مختصر أبيه «القاضى النعمان» فى

الفقه على المذهب الشيعى، كما كان «العزيز بالله» أول مَنْ

حَوَّل «الأزهر» من مسجد تُقام فيه الصلاة إلى جامعة تُدرس فيها

العلوم، وهو أول مَن أجرى الأرزاق على طلاب العلم فيه، وتبعه

فى ذلك الخلفاء والأمراء والوزراء؛ فبنوا الأروقة لتكون منازل

مُعَدَّة لسكنى الطلاب، وجعلوا لكل بلد رواقًا خاصا بطلابه، فكان

هناك رواق الصعايدة، ورواق المغاربة، ورواق الأكراد .. الخ.

وبنى «العزيز بالله» قصورًا عديدة فى «عين شمس»، وأسس

«قاعة الذهب»، وبدأ بناء مسجد أتمه ابنه «الحاكم» وفرشه

بستة وثلاثين ألف متر من الحصر، وأضاءه بالقناديل، وعلَّق

على أبوابه الستور الحريرية، وحبس عليه أملاكًا كثيرة لرعايته

والإنفاق عليه، وفى سنة (٣٩٥هـ) أنشأ «الحاكم» «دار الحكمة»

وألحق بها مكتبة كبرى أطلق عليها اسم «دار العلم»، وأنشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>