للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وحدتهم الفتن، فانتهى الأمر بهزيمتهم على أيدى

العثمانيين فى موقعة «الريدانية» الشهيرة فى ظاهر

«القاهرة»، ودخل العثمانيون «مصر»، وحاول المصريون

مساندة «طومان باى» فى هذه الظروف لحبهم الشديد له، إلا

أنهم لم يستطيعوا إيقاف زحف العثمانيين على «مصر»، فخرج

«طومان باى» إلى «مديرية البحيرة» فى محاولة منه لاستجماع

قوته وجنوده، ولكن العثمانيين تمكنوا منه وقبضوا عليه، ثم

شنقوه على «باب زويلة» سنة (٩٢٣هـ)، بعدما بذل كل جهوده

وأدى واجبه فى سبيل الدفاع عن دولته، إلا أن ظروف عصره لم

تمكنه من تحقيق ما أراد، فسقطت بذلك دولة المماليك ونظامهم،

ودخلت «مصر» مرحلة جديدة باتت فيها تحت حكم العثمانيين.

النظم والحضارة فى عهد المماليك: النظام الحربى والبحرى:

لاشك أن الانتصارات الرائعة التى أحرزها المماليك تعود إلى

إعداد جيد للجيش وتنظيم دقيق له وللقائمين عليه، ولعل الفضل

فى ذلك يعود إلى «الظاهر بيبرس» الذى أولى الجيش عنايته

منذ ولى عرش «مصر»، فقد قام بنفسه بإعداده وتنظيمه

وتسليحه، ليكون سنده فى الحروب ووقت الشدة، فاستكثر من

شراء المماليك وعنى بتربيتهم تربية دينية وعسكرية، وعين لكل

فئة منهم فقيهًا يعلمهم القرآن، ومبادئ القراءة والكتابة، حتى

إذا وصلوا إلى سن البلوغ أوكلهم إلى من يدربهم ويمرنهم على

الأعمال الحربية، فإذا أتموا ذلك وأجادوه ألحقوا بجيش السلطان

لتبدأ حياتهم الجهادية فى سبيل الله. فلما ولى السلطان

«قلاوون» مقاليد الأمور فى سنة (٦٧٩هـ)، زادت عنايته بشئون

تدريب الجند المماليك، وأشرف على طعامهم بنفسه وكان

يتذوقه قبل تقديمه إليهم، وكان لا يسمح لهم بمغادرة «قلعة

الجبل» ليلا أو نهارًا، وظلوا على ذلك حتى ولى السلطان «خليل

بن قلاوون» فى سنة (٦٨٩هـ)، فسمح لهم بالخروج نهارًا فقط،

ومنعهم من المبيت خارجها، ثم بنى لهم «الناصر محمد بن

قلاوون» - فيما بعد - «الطباق» بساحة الإيوان بالقلعة وجعلها

<<  <  ج: ص:  >  >>