كرامتهم، أو الاعتداء من قريب أو بعيد على استقلالهم، فقد
كانوا لا يقبلون الرشوة ولا الهدية، لذا أصبحت لهم مكانتهم
الكريمة ومقامهم المرموق فى الدولة، وفى نظر السلاطين
والأمراء، وجميع طبقات الشعب، ولعل أبرز الأمثلة للتدليل عليهم:
«القاضى عبدالعزيز»، المعروف بعز الدين بن عبدالسلام (سلطان
العلماء)، و «القاضى تقى الدين عبدالرحمن الشافعى» ابن بنت
«الأعز»، و «القاضى تقى الدين محمد بن دقيق العيد»، وغيرهم،
فقد كانوا أمثلة عظيمة وواضحة لما يجب أن يكون عليه القاضى
العادل والشريف. الإفتاء: يلى القضاة فى الأهمية «مفتو دار
العدل»، وقد كانوا أربعة يمثلون المذاهب الإسلامية الأربعة، ولم
تكن فى سلطتهم الفصل فى الخصومات سواء أكانت بين
المدنيين أم بين العسكريين أم بين العسكريين والمدنيين، بل
كانت مهمتهم شرح وتبيين حكم الشرع فيما يُسألون عنه من
المسائل الفقهية، كل حسب مذهبه. المحتسب: كانت مهمة
المحتسب النظر فيما يتعلق بالجنايات والنظام العام، وكان عليه
الفصل فيها على وجه السرعة، وقد عهد إليه بالإشراف على
نظام الأسواق، وكان له نواب يطوفون فيها ويفتشون أماكنها،
ويشرفون على السَّقَّائين للتأكد من نظافتهم، وتغطيتهم القرب،
ولبسهم السراويل، كما كان على المحتسب ونوابه الحيلولة دون
بروز الحوانيت (الدكاكين) حتى لا تعوق نظام المرور بالشوارع،
وكذلك عليهم الإشراف على نظافة الشوارع والأزقة، والحكم
بهدم المبانى المتداعية للسقوط وإزالة أنقاضها، وكذلك الكشف
على صحة الموازين والمكاييل، التى كانت لها دار خاصة تُعرف
باسم: «دار العيار»، فكان المحتسب يطلب جميع الباعة إلى هذه
الدار فى أوقات معينة ومعهم موازينهم ومكاييلهم ليتأكد بنفسه
من ضبط عيارها، فإن وجد بها خللا صادرها وألزم صاحبها
بإصلاحها أو شراء غيرها. وقد ارتقى نظام الحسبة وشمل الأمر
بالمعروف والنهى عن المنكر. صاحب المظالم: كان «الظاهر