البلنسى هو قائد حملته علىمنطقة الثغر الأعلى؛ حيث تمكَّن من
هزيمة الفرنجة، واجتياح ولاية قطلونيه ( Cata Luna)، وذلك سنة
(٢١٢هـ= ٨٢٧م).وما لبثت حركات التمرد أن ظهرت فى الأندلس،
فثار محمود بن عبد الجبار فى ماردة، وكلَّف الأمير عبد الرحمن
جهودًا كبيرة، حتى تمكَّن من القضاء على ثورته، وإجباره على
اللجوء إلى ملك أشتوريس (ألفونسو الثانى)،وطلب حمايته، لكنه
قُتِل هناك بيد حماته النصارى، وثار (هاشم الضرَّاب) فى طليطلة،
وكان شوكة كبيرة فى جنب عبد الرحمن الأوسط؛ وبالرغم من
نجاح الأمير فى قتل هاشم سنة (٢١٦هـ= ٨٣١م)، فإن (طليطلة)
ظلَّت معقلا للثائرين والمتمرِّدين، واضطر الأمير إلى حصارها،
واقتحامها، وإيقاع العقاب بأهلها، وذلك سنة (٢٢٢هـ=
٨٣٧م).وبعد القضاء على تلك الثورات استأنف الأمير الجهاد
فىشمالى الأندلس، وسيَّر الصوائف سنويا إلى هذه الجهات،
ولكن لم تكن لهذه الغزوات نتائج كبرى، ولم يكن من ثمارها إلا
منع النصارى من التوغُّل داخل بلاد المسلمين، وحملهم على
التزام السكينة، وعدم إيقاع الأذى بالمسلمين. ويتميز عصر عبد
الرحمن الأوسط بعدد من الأحداث الخطيرة، منها: - غارات
النورمانديين: فقد تعرَّضت سواحل الأندلس لخطر شديد، لم تستعد
له؛ حيث غزاها كثير من النورمانديين، الذين عرفتهم المصادر
الإسلامية باسم (المجوس)، ولم يكونوا إلا جماعات من الفيكنج،
القادمين من أقصى الشمال الغربى لأوربا، البارعين فى ركوب
البحر، واستخدام السفن الخفيفة، وأمكنهم إيقاع الأذى الشديد
بالشواطئ الغربية للأندلس، وذلك فى سنة (٢٣٠هـ= ٨٤٤م)،
وتمكن المسلمون من التصدى لهم بصعوبة كبيرة.- وثورة
المستعربين: وهم النصارى، المقيمون فى قرطبة، وكانوا
يتمتعون بدرجة عالية جدا من تسامح المسلمين، حتى إنهم
اندمجوا فى المجتمع القرطبى؛ يتحدثون لغته، ويرتدون ثيابه،
لكن الدعايات المتعصبة من بعضهم تمكنت من إثارة نزعة