الدولة، ولم يبقَ للسلطان (الإيلخان) إلا الاسم فقط.
لم يقتصر عداء «بوقا» على المسلمين وحدهم بل امتد بطشه إلى
أمراء المغول أنفسهم، كما أنه لم يكن على دراية كافية بشئون
البلاد الإدارية والمالية، فأدى ذلك إلى حالة من الفوضى والارتباك
فى البلاد، وقد أثار ذلك حنق الأمراء المغول وغضبهم وجعلهم
يفكرون فى التخلص منه، فحرضوا الإيلخان «أرغون» على التخلص
من الأمير بوقا.
وكان من أشد أعداء هذا الأمير طبيب يهودى يدعى سعد الدولة
وكان اجتماعيا؛ يكثر الاختلاط بالناس ويوسع دائرة معارفه بينهم،
كما كان ملما بأحوال الموظفين والصيارفة فى «بغداد»، ويجيد عدة
لغات، ويعمل بالطب الذى كان وقفًا فى بلاد الإيلخان على اليهود
وحدهم، ولذا عملوا على التدخل فى شئون الدولة من خلال عملهم،
وحملوا الإيلخان «أرغون» على تعيين «سعد الدولة» طبيبًا لبلاطه،
وتصادف أن اعتلَّت صحة الإيلخان، ومرض مرضًا شديدًا، وتمكن «سعد
الدولة» من معرفة الدواء المناسب لمرضه، فشفى «الإيلخان»، وكافأ
«سعد الدولة» وقرَّبه منه، وزاد قدره عنده، فاستغل الطبيب ذلك،
وأخذ يشى بالأمير «بوقا» ويزيِّن للسلطان التخلص منه، حتى أوغر
صدره ضده، فأمر السلطان بالقبض على «بوقا» وقتله بتهمة التآمر
على السلطان، وتعيين الطبيب «سعد الدولة» وزيرًا له على البلاد.
استطاع الوزير سعد الدولة أن يستميل إليه قلوب الناس برفع المظالم
عنهم، وإجراء الصدقات على فقرائهم ومحتاجيهم، فمدحه الشعراء،
وقصد بابه الأدباء والعلماء، ولكنه لم يكد يطمئن إلى ثبات مركزه
فى الدولة، وارتفاع منزلته عند السلطان حتى أخذ يكيد للمسلمين
ويعمل على التضييق عليهم، فضاقوا به وتحينوا الفرصة للخلاص منه،
كما ضاق به الأمراء المغول لاستبداده بالحكم، وقضائه على ما كانوا
يتمتعون به من نفوذ، وانتظروا كذلك الفرصة للقضاء عليه، فمرض
«أرغون» فجأة، واشتد عليه المرض، وحاول الأطباء برئاسة «سعد