للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووضع «بحر قزوين» تحت الرقابة الحربية الروسية، فباتت «إيران»

بين شقى رحى فى علاقاتها الخارجية مع «روسيا» التى تعمل على

التوسع فى «آسيا» على حساب ولايات «إيران» الشمالية للوصول

إلى مياه الخليج الدافئة، و «بريطانيا» التى تعمل على تأمين الطريق

إلى مستعمراتها فى «الهند» من خلال السيطرة على «الخليج

الفارسى»، والأراضى المجاورة للهند.

وجدير بالذكر أن خمس عشرة دولة أجنبية حصلت على امتيازات

لرعاياها فى «إيران» فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر

الميلادى، ثم امتلأت «إيران» بالأجانب فى عهد «ناصر الدين شاه

القاجارى»، فى الوقت الذى تزايد فيه نفوذ رجال الدين الشيعة،

لسيطرة مذهبهم الشيعى على كل «إيران»، وكذلك على حكامها.

وقد شهد الربع الأول من القرن العشرين تطورًا فى سياسة «إيران»

الخارجية، حيث عقدت مع «روسيا» فى عام (١٣٤٠هـ = ١٩٢١م)

معاهدة صداقة، أُلغيت بمقتضاها جميع المعاهدات السابقة التى

كانت تضر بالمصالح الإيرانية، وأسقطت «روسيا» بموجبها ديون

«إيران» التى لم تُسدد من قبل، وتنازلت عن امتيازاتها وممتلكاتها

فى «إيران» مثل: خط السكة الحديدية، وخطوط البرق، ولعل الذى

دفع «روسيا» إلى التنازل عن كل ذلك هو خوفها من محاولات

«بريطانيا» للتدخل فى شئون «إيران» ووضعها تحت سيطرتها.

مظاهر الحضارة فى إيران:

كان لموقع «إيران» الجغرافى أهميته البالغة - ومازالت - فى تحقيق

أسباب حضارتها ومدنيتها؛ حيث إنها المعبر البرى بين الشرق

والغرب، وقد حقق لها ذلك مزية الرواج التجارى، ونقل الثقافات،

والاستفادة من خبرات الآخرين، وفى الوقت نفسه جرَّ عليها الأطماع.

وقد تحملت «إيران» العناء والخراب والدمار الذى لحق بها

وبمواطنيها - منذ القدم - بسبب موقعها الجغرافى، ومع ذلك لا يمكن

لأى مؤرخ منصف أن ينكر دور «إيران» الحضارى فى الثقافة

والفنون والتقاء الحضارات المتعددة وتمازجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>