من عمره، وأنشأ المرصد الحاكمى على سفح المقطم، وقد روى
المؤرخون مواقف غريبة تدل على غرابة أطواره.
حاولت «ست الملك» أخت «الحاكم بأمر الله» ردعه عما يفعل، لكنه
أبى أن يرتدع، فدبرت مع «سيف الدولة بن دواس الكتامى» أمر
قتله، فلما تم ذلك، حمل جثمانه إليها، فدفنته فى مجلسها.
بعد مقتل «الحاكم بأمر الله» خرج اثنان من أتباعه هما: «حمزة
الدرزى»، و «حسن الأخرم»، وبالغا فى وصفه، وأعلنا مذهب الدروز.
الظاهر:
ولى «أبو الحسن الظاهر» الخلافة فى شوال سنة (٤١١هـ)، بعد مقتل
أبيه مباشرة، وكان لعمته «ست الملك» النفوذ والسيطرة فى تسيير
دفة الدولة، وقامت بذلك على أحسن وجه، وبذلت العطاء للجند،
وتمكنت من تهدئة الأمر حتى وافاها الأجل فى سنة (٤١٥هـ)، فانتهج
«الظاهر» نهجها وعمل بسياستها، وألغى ما سنَّه أبوه «الحاكم»
من قوانين مجحفة، واهتم بتحسين شئون البلاد وأحوال الرعية،
ومنح الناس الحرية الدينية، فنعموا بالكثير من إنجازاته، وعلى الرغم
من أن مجاعة حدثت فى عهده استمرت ثلاث سنوات، نتيجة انخفاض
النيل، فإنه عمل على تخفيف المعاناة عن الشعب، وعقد اتفاقًا مع
إمبراطور الروم ليمده بالقمح بمقتضاه، على أن يقوم «الظاهر»
بإعادة بناء «كنيسة القيامة» بالقدس.
مرض «الظاهر» بالاستسقاء، ولم يلبث أن تُوفِّى سنة (٤٢٧هـ).
المستنصر:
ولى «المستنصر» عقب وفاة والده «الظاهر» فى جمادى الآخرة سنة
(٤٢٧هـ)، ويُعدُّ أطول الخلفاء عهدًا، إذ قضى بالخلافة نحو ستين
سنة، لم تكن على وتيرة واحدة، حيث وصف «ناصر خسرو» «مصر»
فى أوائل عهد المستنصر بقوله: «كانت تتمتع بالرخاء، وأن الشعب
محب لخليفته». وفى الفترة الأولى من عهده بلغ النفوذ الفاطمى
أقصى مداه، إذ دُعى للخليفة على منابر بلاد الشام و «فلسطين»
و «الحجاز» و «اليمن»، بل دُعِى له فى «بغداد» حاضرة العباسيين
نحوًا من سنة، ودُعى له - أيضًا - فى «صقلية» و «شمال إفريقية».