للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تميز العصر الفاطمى بمنشآته العديدة، وكان على رأسها تأسيس

«القاهرة»، وإنشاء «الجامع الأزهر»، وتشييد «القصر الشرقى»،

و «القصر الغربى»، و «قصر البحر»، و «قصور عين شمس»، و «جامع

الحاكم»، و «جامع الأولياء».

تأسست مدينة «القاهرة» سنة (٣٥٨هـ) لسبعة عشر يومًا خلت من

شهر شعبان، واختطت قبائل البربر مساكنها حول قصر «المعز» بها.

وأصبحت منذ ذلك اليوم مقرا للحكم، ومركزًا لنشر الدعوة الشيعية،

وحصنًا يصد هجمات الأعداء، وأطلق عليها اسم «المنصورية» نسبة

إلى «المنصور» والد «المعز»، وقد اختلف المؤرخون فى سبب

تسميتها بالقاهرة؛ فذكر «ابن دقماق»: أن أساسها حُفِر أثناء طلوع

كوكب يُقال له «القاهر» فسميت به. وقيل إن «المعز» قال لجوهر

الصقلى: «لتدخلن فى خرابات ابن طولون، وتبنى مدينة تقهر الدنيا»،

فلما حدث ذلك سماها «جوهر» «القاهرة»، وهناك من ذكر أنها

سُميِّت بذلك لأنها تقهر من يشذ عنها.

أحاط «جوهر» «القاهرة» بسور كبير من الطوب اللَّبِن، وإلى الجنوب

الشرقى منها كانت مدينة «الفسطاط»، وإلى الغرب منها وقع ميناء

«المقس»، ثم وضع «جوهر» أساس القصر الذى شيده من أجل مولاه

«المعز»، ذلك القصر الذى قيل عنه إنه احتوى على أربعة آلاف

حجرة، وتأثَّث بفاخر الرياش، وبأفخر ما يحتاج إليه خاصة الناس

لاسيما الملوك والخلفاء.

كانت «القاهرة» مدينة الخاصة، فلم يكن أحد يسكنها إلا الخليفة

ورجاله، وقد بنى «العزيز بن المعز» فيها قصرًا عُرِف بالقصر

الغربى، فعرفت المنطقة الواقعة بين قصرى «المعز» و «العزيز» -

الشرقى والغربى- باسم: «بين القصرين»، وكان «الأزهر» أول مسجد

شُيد فى «القاهرة» المعزية، وقد شرع «جوهر» فى بنائه يوم السبت

الموافق (٤ من رمضان سنة ٣٥٩هـ)، وأقيمت الصلاة به لأول مرة فى

(٧ من رمضان سنة ٣٦٠هـ)، وصار منذ ذلك الوقت إلى الآن أشهر

جامع فى العالم الإسلامى، وكان «على ابن النعمان» أول مَنْ مارس

<<  <  ج: ص:  >  >>