شديدين، ولعل أبرز الإنشاءات التى ترجع إلى عصره تلك القبة التى
بناها، ودُفن تحتها، كما بنى «مدرسة» و «مارستانًا» -حملا اسمه -
عام (٦٨٨هـ)، ومازال هذا المارستان قائمًا حتى الآن ويُعرف باسم:
مستشفى قلاوون»، وظل «قلاوون» يقوم بدوره الحربى والسياسى
والاجتماعى والحضارى فى البلاد على أكمل وجه حتى وفاته سنة
(٦٨٩هـ).
السلطان الأشرف خليل بن قلاوون [٦٨٩ - ٦٩٣هـ = ١٢٩٠ - ١٢٩٤م]:
خلف الأمير «خليل» أباه على عرش السلطنة، فعاد فى عهده نفوذ
الأمراء، وتجددت الصراعات الداخلية، إلا أنه استطاع التغلب على هذه
المصاعب كلها على الرغم من قصر مدة حكمه للبلاد، وبرهن على أنه
حاكم كفء مهيب، شديد البأس، عارف بأحوال المملكة، لدرجة أن
«ابن إياس» قال عنه فى تأريخه: «كان الأشرف بطلا لا يكل عن
الحروب ليلا ونهارًا، ولا يُعرف من أبناء الملوك مَنْ كان يناظره فى
العزم والشجاعة والإقدام».
ويكفى «الأشرف خليل» مجدًا يخلد اسمه بين أعظم قادة التاريخ
الإسلامى أنه استطاع استعادة «عكَّا» من أيدى الصليبيين سنة
(٦٩٢هـ)، بعد أن استعصت على مَنْ كان قبله من السلاطين
لحصانتها، كما تابع جهاده فى تتبع جيوش الصليبيين بالشام،
واستعاد «صور» و «حيفا» و «بيروت»، وظل يضيف انتصارات عظيمة
إلى سجل هذه الدولة كان من شأنها أن يظل العالم الإسلامى قويا
مترابطًا، ويقوم بدوره فى البناء الحضارى.
السلطان الناصر محمد بن قلاوون [٦٩٣ - ٧٤١هـ = ١٢٩٤ - ١٣٤١م]:
بعد وفاة «الأشرف خليل» انتقل حكم السلطنة إلى «الناصر محمد ابن
قلاوون» الابن الثانى للسلطان «قلاوون»، وكان قد نشأ فى بيت
الملك محاطًا بالأمراء والنواب والحراس، غير أنه لم يتمتع طويلا بعطف
ورعاية أبيه «قلاوون»، الذى مات ولما يبلغ «الناصر محمد» الخامسة
من عمره، غير أنه لحسن حظه لم يحرم من عطف أخيه «الأشرف
خليل» ورعايته، فاهتم بتربيته وأحسن معاملته، فنشأ «محمد» ولديه