من صفات أبيه وأخيه الكثير، فأصبح كأسلافه مهتما بالمشروعات
الحيوية، ومحبا للغزو والجهاد.
اعتلى «الناصر محمد» عرش «مصر» ثلاث مرات، استمرت الأولى عامًا
واحدًا فى الفترة: (من سنة ٦٩٣ إلى سنة ٦٩٤هـ)، ثم اغتصبها منه
«زين الدين كتبغا» الذى لقب نفسه بالعادل، و «حسام الدين لاُين»
الذى تلقب بالمنصور، واستمرت فترة الاغتصاب هذه أربع سنوات
عاشت البلاد خلالها عهدًا من الفتن والاضطرابات، وانتابتها مظاهر
الضعف والانحلال، مما هيأ السبيل إلى عودة «الناصر محمد» إلى
السلطنة ثانية ليتدارك تفاقم هذه الأوضاع.
السلطنة الثانية للناصر محمد [٦٩٨ - ٧٠٨هـ]:
لعل أبرز ما يميز الفترة الثانية لتولى «الناصر محمد» عرش السلطنة،
الفتن والاضطرابات التى أحدثها وأشعلها أمراء المماليك سعيًا وراء
الوصول إلى العرش، الأمر الذى اضطر «الناصر محمد» إلى الرحيل
فى عام (٧٠٨هـ) إلى «قلعة الكرك» للاحتماء بها بعيدًا عن مؤامرات
الأمراء ودسائسهم، فمكن ذلك «بيبرس الجاشنكير» -أحد القادة
العسكريين- من السيطرة على مقاليد الأمور، على الرغم من رسائل
أمراء المماليك التى بعثوا بها إلى «الناصر محمد» يرجونه فيها
العودة إلى «مصر»، إلا أنه تمهل حتى يقف على حقيقة الأمور، فلما
رأى حاجة البلاد إليه قرر العودة إلى «مصر» ثانية، وتمكن من طرد
«الجاشنكير»، وبدأ مرحلة ثالثة على عرش البلاد، كانت من أهم
فترات تاريخ «مصر» والشام.
السلطنة الثالثة للناصر محمد [٧٠٩ - ٧٤١هـ]:
استمرت فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة على «مصر» و «الشام» وما
يتبعهما اثنين وثلاثين عامًا متصلة، انفرد فيها بحكم البلاد، وتمكن
من القضاء على الفتن والدسائس، ونعمت البلاد فى عهده بأطول
فترة استقرار شهدتها فى العهد المملوكى، وتعلق الشعب به وأحبه
لما قدمه من أعمال جليلة وعظيمة رفعت من شأنه.
تُعد فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة من أزهى عهود دولة المماليك