عرفانًا له بما صنع، وكذلك هدأت الأوضاع فى «سوريا»، وبسط
«برسباى» سلطته على «مكة» و «جدة» واحتكر لبلاده طرق التجارة،
وعزز اقتصادها، فانتعشت «مصر» اقتصاديا وحضاريا.
تُوفِّى «برسباى» سنة (٨٤١هـ) وترك العرش لابنه «يوسف» وكان
لايزال طفلا صغيرًا، فلم يحكم سوى ثلاثة أشهر، وخلفه «جمقمق»
على عرش السلطنة.
السلطان جمقمق [٨٤١ - ٨٥٧هـ]:
واجه «جمقمق» صعابًا عديدة فى بداية عهده؛ إذ واجهته الثورات،
واشتعلت فى بلاده الفتن، وزادت القلاقل، وكان رجلا يمتاز بالقوة
والمثابرة، فتمكن من السيطرة على الموقف وقضى على الصعوبات
التى واجهته، واتجه إلى الإصلاح الداخلى وإعادة الهدوء إلى البلاد،
ثم عمل على توطيد علاقاته مع الإيرانيين وأمراء «آسيا الصغرى»،
وتزوج من ابنة «دلجادير» حاكم مدينة «أبلستين»، فمضى فى حكمه
بعد ذلك فى هدوء، ثم مات سنة (٨٥٧ هـ)، وتولى من بعده ابنه
السلطان «عثمان بن جمقمق» الذى أساء إلى الرعية، فتم عزله،
وتولى عرش «مصر» من بعده السلطان «إينال».
السلطان إينال [٨٥٧ - ٨٦٥ هـ = ١٤٥٣ - ١٤٦١م]:
تولى قائد الأسطول الإسلامى «سيف الدين إينال» السلطنة، وسار
فى الناس سيرة حسنة أرضت عنه المماليك الذين أغدق عليهم
بالهبات والأموال والعطايا، وتمكن من القضاء على الفتن التى
واجهته، ولم تتعرض البلاد فى عهده لأى غزو خارجى، نظرًا إلى
العلاقات الحسنة التى أقامها مع زعماء الدول الخارجية، واستطاع
أن يستولى على «كرمان»، فتميز عهده بالهدوء، وظل على ذلك
حتى وفاته سنة (٨٦٥هـ)، فخلفه ابنه «أحمد بن إينال» على العرش،
إلا أنه سرعان ما تنازل عنه، وابتعد عن الدسائس والمؤامرات والفتن
التى كان يدبرها أمراء المماليك، فأخذ السلطان «خشقدم» مكانه
وتولى عرش السلطنة.
السلطان خشقدم [٨٦٥ - ٨٧٢هـ]:
كان عهد «خشقدم» أكثر العهود اضطرابًا، فوجد نفسه أمام عدة
قوى مناهضة كان عليه أن يواجهها، فعمل على تفتيتها والقضاء