الدولة حتى الآن، فقد تقدمت فنون البناء والعمارة والزخرفة،
وتوافرت الأموال اللازمة لها خلال هذا العهد المجيد من تاريخ العالم
الإسلامى، فقد قام «الظاهر بيبرس» ببناء مسجده، المعروف باسمه
بميدان الظاهر بالقاهرة فى عام (٦٦٥هـ)، وجلب لبنائه الرخام
والأخشاب وأدوات البناء من سائر البلاد، وزيَّنه بزخارف الجص،
فأصبح مثالا للمساجد الكبيرة الضخمة التى شُيدت فى عهد دولة
المماليك البحرية. كما قام «بيبرس» ببناء برج لقلعة الجبل، وشيد
«قناطر السباع» على «الخليج المصرى»، وقد عُرفت هذه القناطر
بهذا الاسم؛ لأن «بيبرس» نصب عليها سباعًا من الحجارة، كما أصلح
منارتى «رشيد» و «الإسكندرية».
أما السلطان «قلاوون» فقد أنشأ القبة التى دُفِن تحتها، كما أنشأ
مسجده ومدرسته، ومارستانه الذى عُرف بمستشفى «قلاوون»، ثم
يأتى ابنه «السلطان الناصر محمد ابن قلاوون»، وكان شغوفًا
بسياسة أبيه فى الإنشاء والبناء، فشيد «المدرسة الناصرية» (بحى
النحاسين)، وعين بها مدرسين للمذاهب الأربعة، وألحق بها مكتبة
حافلة بنوادر الكتب وأمهاتها، ولاتزال هذه المدرسة باقية بحالة
جيدة حتى اليوم، وكذلك بنى «الناصر محمد» «القصر الأبلق» بقلعة
الجبل، وسُمى بذلك لأنه بنى من الحجر الأبيض والحجر الأسود، وفى
سنة (٧١٨هـ) شيد «الناصر» مسجده بالقلعة، ثم هدمه فى سنة
(٧٣٥هـ) ليعيد توسيعه وبناءه من جديد، وقام بتجديد بناء المارستان
الكبير الذى أسسه والده «قلاوون»، وأنشأ «خانقاه» (بيت لفقراء
الصوفية) فى «سرياقوس» من ضواحى «القاهرة» فى سنة (٧٢٣هـ)،
(أصبحت «سرياقوس» اليوم تابعة لمركز «الخانكة» بمحافظة
«القليوبية»)، وقد شيد «الناصر» سبيلا ألحقه بجوار مدرسته وجامع
أبيه «قلاوون»؛ لأنهما متجاوران.
ولعل أعظم إنشاءات دولة المماليك البحرية ما قام به السلطان «حسن
بن الناصر محمد بن قلاوون» حين أنشأ مسجده ومدرسته بالقرب من
القلعة.
منشآت دولة المماليك البرجية: