ازدادت المنشآت فى عصر دولة المماليك البرجية، ولعل أفضل مثال
على منشآت ذلك العهد ماقام به «الأشرف برسباى» للعمارة
الإسلامية، فقد قام بتأسيس عدة مبانٍ كان أهمها مدرسته الأشرفية
التى عند «سوق الوراقين» بالقاهرة، إذ رسم حدودها فى سنة
(٨٢٦هـ) وعين «الشيخ علاء الدين ابن الرومى الحنفى» أستاذًا لها،
ثم أتم بناءها فى سنة (٨٢٩هـ)، وكذلك قام «برسباى» بإنشاء
مدرسة بجوار «خانقاه سرياقوس» فى سنة (٨٤١هـ)، وكانت هذه
المدرسة مجمعًا دينيا يشمل: مدرسة، وكُتَّابًا، وسبيلا، وخانقاه
للصوفية، وكان القاضى «محب الدين بن رسول الكرادى» الحنفى،
المعروف بابن الأشقرت، أحد الذين تولوا أمر المدرسة والخانقاه فى
سنة (٨٦٣هـ).
كذلك أقام «برسباى» مسجدًا وتربة وزاوية بالصحراء، ولم يكن
وحده هو الذى فعل ذلك، فقد كان أغلب سلاطين المماليك يحرصون
على بناء مسجد ومدفن لكل منهم فى الصحراء بشرق «القاهرة»،
ذلك إضافة إلى ما يقومون به من منشآت فى أرجاء البلاد، مثلما
فعل «بيبرس» حين أقام «قنطرة المجذوب» بأسيوط، وجدد «الحرم
الشريف» بمكة، و «الجامع الأزهر» بمصر. ويُعدُّ «قايتباى» أشهر
سلاطين المماليك البرجية شغفًا بالبناء والعمران، إذ أنفق مائة ألف
دينار على إعادة تشييد «مسجد المدينة المنورة» بخلاف ما أنفقه
على تشييد وبناء مسجده، وبناء «قلعة الإسكندرية» المعروفة
باسمه، وكذلك أقام مبانى جديدة بقلعة الجبل، وقام «السلطان
الغورى» من بعده بتحصين «الإسكندرية» و «رشيد».
ويعد عصر المماليك- بحق - أحد العصور الذهبية فى تاريخ العمارة
الإسلامية، فقد كان الإقبال غظيماً على تشييد المساجد والمدارس
والأضرحة، والاهتمام بالمهارات الفنية والزخرفية، والعمل على إتقان
بناء المنارات والقباب وواجهات المنشآت والإيوانات والأعمدة
وزخرفتها، وزخرفة المدارس والمساجد من الداخل والخارج، وقد
كانت العناية بزخرفة وتجميل كل ذلك إحدى سمات هذا العصر.