وعودة ما تبقى منه إلى «القيروان» استعدادًا لمحاولة ثانية. ثم حشد
«حنظلة» كل ما استطاع من قوة، وخرج للقاء البربر، ودارت بينهما
معركة، أثبت جيش «حنظلة» فيها كفاءة عالية وصبرًا على القتال،
فانتصر جيش الخلافة وقُتل «عبدالواحد» قائد البربر، فضلا عن مقتل
عدد كبير من جنوده، فمكن هذا النصر للأمويين فى البلاد، ودعم
وجودهم فيها، وعمد «حنظلة» إلى إقرار الأمن والطمأنينة فى
النفوس، ثم بعث بأخبار هذا النصر إلى مركز الخلافة «بدمشق» فى
شعبان سنة (١٢٥هـ= يونيو ٧٤٣م)، فتوافق هذا الوقت مع وفاة
الخليفة «هشام بن عبدالملك»، وتولى «الوليد الثانى بن يزيد» خلفًا
له.
واجه «حنظلة» مشكلة كبيرة، تمثلت فى نزول «عبدالرحمن بن
حبيب» أحد زعماء العرب على شواطئ «تونس» قادمًا من «الأندلس»،
وقد استغل هذا الرجل اضطراب الأوضاع فى «دمشق»، وضعف والى
«القيروان» بسبب الحروب الكثيرة التى خاضها مع البربر، وسعى
إلى جمع عناصر من العرب والأفارقة والبربر حوله، ثم نزل بهم منطقة
«سمنجة» فى سنة (١٢٧هـ=٧٤٥م)، استعدادًا للاستيلاء على
«القيروان» وعلى مركز السلطة فيها.
وحاول «حنظلة» معالجة الأمور بطريقة ودية، فاختار خمسين من
فقهاء «القيروان» وزعمائها، وأرسلهم إلى «عبدالرحمن» للتفاوض
معه، فألقى القبض عليهم وهدَّد بقتلهم إن لم يتخلَّ «حنظلة» عن
الإمارة، ويترك «القيروان» خلال ثلاثة أيام، وألا يأخذ من بيت المال
إلا ما يكفيه مئونة السفر، فوافق «حنظلة» على مطالب «عبدالرحمن»
حفاظًا على أرواح مَن بعث بهم إليه، وترك «القيروان» فى جمادى
الآخرة سنة (١٢٧هـ= مارس٧٤٥م) فدخلها «عبدالرحمن».
ثم وافقت الخلافة على تعيينه واليًا على بلاد «المغرب».
الولاة فى العصر العباسى:
استقر «عبدالرحمن بن حبيب» بالقيروان فى سنة (١٢٧هـ)، وعمل
على الاستقلال بالمغرب، فواجه العديد من ثورات البربر، ولكنه تمكن