من التغلب عليها، وهاجم معاقلهم، وقضى على تجمعاتهم، ثم أرسل
حملتين عسكريتين فى سنة (١٣٥هـ= ٧٥٢م) إلى جزيرتى «صقلية»
و «سردانية»، فحققت الحملتان أهدافهما، وعادتا منتصرتين.
فلما قامت الدولة العباسية، أسرع «عبدالرحمن بن حبيب» بالخطبة
للعباسيين على المنابر، وأرسل لهم مبايعته وطاعته، فرحب به
الخليفة العباسى «أبو العباس السفاح» وأقرَّه على ولايته، ولكن
الأمور تغيرت فى عهد «أبى جعفر المنصور»، الذى تولى الخلافة
فى ذى الحجة سنة (١٣٦هـ= مايو ٧٥٤م)، حيث أقر «عبدالرحمن»
على «المغرب» فى البداية، ثم توترت بينهما العلاقات، فخلع
«عبدالرحمن» طاعة العباسيين واستقل بحكم إقليم «المغرب الأدنى».
ولقد حاول «عبدالرحمن بن حبيب» نقل ولاية العهد من أخيه «إلياس»
إلى ابنه «حبيب»، فدبر له «إلياس» مؤامرة انتهت بقتله فى سنة
(١٣٧هـ=٧٥٤م) بعد أن قضى نحو عشر سنوات بالحكم، أمضاها فى
معارك متصلة ضد الثائرين والخارجين، ومن ثَم ثارت جموع البربر،
وعادت الاضطرابات إلى المنطقة ثانية، وتمكن «إلياس» من إحكام
سيطرته على «القيروان»، إلا أن «حبيب بن عبدالرحمن» دخل فى
صراع طويل معه، وانتهى الأمر بمقتل إلياس فى سنة (١٣٨هـ= ٧٥٥م)،
وتولى «حبيب» مقاليد الحكم بالقيروان، ولجأ عدد من أفراد أسرته
إلى قبيلة «درفجومة» البربرية، وكان زعيمها «عاصم بن جميل
كاهنًا» يدعى النبوة، فدخل «حبيب» فى حروب مع هذه القبيلة،
ولكنهم هزموه، فاضطر إلى الفرار، ودخل «عاصم» «القيروان»
واستحل حرماتها وخرَّب مساجدها وقضى على مظاهر حضارتها.
وهكذا سقطت «القيروان» فى قبضة هذه القبيلة التى أساءت معاملة
الناس، فاضطر بعضهم إلى اللجوء والاستنجاد بالخلافة العباسية،
ولجأ آخرون إلى «أبى الخطاب عبدالأعلى بن السمح المعافرى»
وكان أحد وجوه العرب، ويعتنق المذهب الإباضى، فهبَّ لنجدتهم،
وجمع مَن حوله من البربر المعتنقين لآراء الخوارج، وأثار فيهم