للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوثيق صلتهم بالرستميين، على الرغم من الاختلافات المذهبية بينهم.

ولم تنجح «سجلماسة» رغم اعتصامها بصحراء المغرب

الجنوبية، وموازنة سياستها مع «تهيرت» و «القيروان»، فى النجاة

مما آلت إليه على أيدى الفاطميين.

الأوضاع الحضارية:

شهدت منطقة «المغرب» خلال القرنين الثانى والثالث الهجريين قيام

عدة عواصم رئيسية هى: «القيروان»، و «تهيرت»، و «فاس»،

و «سجلماسة»، وقد لعبت هذه العواصم دورًا بارزًا ورئيسيا فى

مضمار الحضارة بالمنطقة على النحو الآتى:

أ - القيروان:

بناها «عقبة بن نافع» وأطلق عليها «القيروان» ومعناها فى

العربية: موضع اجتماع الناس والجيش، وقد شهدت هذه المدينة تطورًا

كبيرًا فى ظل «الأغالبة»، واستمرت عمليات البناء والتعمير على

أيديهم بها، وباتت مقر الولاة ومركز الحكم، وظلت محتفظة بمنزلتها

ومكانتها لدى «الأغالبة»، على الرغم من اتخاذهم عواصم جديدة

كالعباسة و «رقادة».

وقد تميزت هذه المدينة بالهدوء والاستقرار فى عهد «الأغالبة»،

على الرغم من الثورات المتعددة التى اندلعت هنا وهناك بالمنطقة،

وقد ساعد هذا الاستقرار على إيجاد نوع من التعاون بين فئات

الشعب على اختلاف أصولهم؛ حيث كان هناك العرب الذين مثلوا

الطبقة الحاكمة، وعاشوا بالقيروان منذ تأسيسها، فاكتسبوا مكانة

خاصة، واشتغلوا بالتجارة وغيرها، وعاش إلى جوارهم سكان البلاد

الأصليون من «البربر»، واختلطوا بهم، وعملوا بالزراعة والتجارة،

فضلا عن الأفارقة؛ وهم بقايا المسيحيين البيزنطيين واليهود، وقد

عاشوا يمارسون حياتهم فى ظل الحكم الأغلبى.

وقد شهدت «القيروان» ازدهارًا اقتصادياًّ كبيرًا، تمثل فى علاقاتها

المتعددة مع مَن حولها من المدن المغربية، وقصدتها القوافل التجارية

من كل أنحاء «المغرب»، كما خرجت منها القوافل قاصدة المدن

الأخرى، فانعكس هذا الرواج على أمراء البلاد وعامة الشعب.

ب - تهيرت:

جاء تخطيط هذه المدينة وبناؤها فى سنة (١٦١هـ= ٧٧٨م)، تلبية

<<  <  ج: ص:  >  >>