للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«نهر سبو» وروافده، وقد دعا الإمام «إدريس» - حين وضع أساس

هذه المدينة - بقوله: اللهم اجعلها دار علم وفقه، يتلى فيها كتاب الله،

وتقام بها حدوده، وأن يُجعل أهلها متمسكين دائمًا بكتاب الله.

وقد قُسِّمت المدينة إلى قسمين هما: عدوة الأندلسيين، وعدوة

القرويين، واتخذت قبائل البربر مواضعها كما أقام الوافدون، فى

أماكن حددت لهم، وهكذا استطاع الأدارسة تدعيم سلطتهم بالمغرب

الأقصى، وباتت لمدينة «فاس» آثارها الدينية والاقتصادية بالمنطقة،

بعد أن حُرمت منها منذ انقضاء عهد «الرومان»، ومازالت هذه المدينة

تحتفظ بآثارها الحضارية - حتى الآن - على عكس «تهيرت»

و «سجلماسة» اللتين فقدتا ازدهارهما منذ أمد بعيد.

د - سجلماسة:

رأى «الصفريون» أن تكون لهم مدينة، بعد أن ازداد عددهم بالمغرب

الأقصى، تصبح نواة لدولة صفرية مستقلة بجنوب «المغرب الأقصى»،

فوقع اختيار «أبى القاسم سمكو بن واسول المكناسى» على منطقة

«سجلماسة»، التى كانت نقطة التقاء البربر المقيمين بها وحولها،

لتبادل السلع والبضائع.

وقد نجح المؤسسون لهذه المدينة فى اختيار البقعة المناسبة لها؛ إذ

تقع فى منطقة «تافللت» على طرف الصحراء، وبينها وبين جنوب

مدينة «فاس» مسيرة عشرة أيام، ومعنى ذلك أنها تقع فى منطقة

نائية، فأعطاها هذا البعد سياج أمن وأمان لها ولساكنيها.

وبدأ تخطيط «سجلماسة» فى سنة (١٤٠هـ=٧٥٧م)، بصورة بسيطة،

حيث أسس «الصفريون» بها حصنًا فى وسط الساحة، سموه

«العسكر»، ثم أسسوا المسجد الجامع، ودار الإمارة، وشرع الناس

بعد ذلك فى إقامة دورهم، وقد ساهمت طوائف البربر من قبائل

«مكناسة» و «صنهاجة» و «زناتة» فى تأسيس هذه المدينة

وتعميرها، ثم تطورت بعد ذلك واتسعت، وأحيطت فى عهد «اليسع

بن مدرار» (٢٠٨هـ= ٨٢٣م) بسور كبير لحمايتها. وقد وصفها «ابن

حوقل» بقوله: «كانت القوافل تجتاز المغرب إلى سجلماسة، وسكنها

<<  <  ج: ص:  >  >>