للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل العراق، وتجار البصرة والكوفة والبغداديون الذين كانوا

يقطعون الطريق؛ فهم وأولادهم وتجاراتهم دائرة، ومفرداتهم دائمة،

وقوافلهم غير منقطعة إلى أرباح عظيمة وفوائد جسيمة ونعم

سابغة، قلَّ ما يدانيها فى بلاد الإسلام سعة حال».

ولقد تضافرت جهود القادة والولاة والدعاة فى القرن الأول الهجرى

على نشر الإسلام بين سكان «المغرب»، فأقبل البربر على اعتناقه،

وتعلمه وتفهمه دون الانخراط فى فرقة بعينها، أو الانضمام إلى

مذهب محدد، وكان الكتاب والسنة هما مصدر التشريع الأوحد فى

هذه المنطقة، فلما أقبل القرن الثانى الهجرى، تطورت مسيرة

الإسلام، نظرًا للتغيرات السياسية والمذهبية التى عاشتها «بلاد

المغرب»؛ حيث وضحت تيارات المذاهب، وتحددت ملامح الفرق، ومثل

المذهب المالكى والمذهب الحنفى القاعدة الشعبية العريضة لسكان

«المغرب»، وباتت «القيروان» مركز أهل السنة من المالكية، وظهرت

بها مجموعة من العلماء أمثال: «البهلول بن راشد» و «رباح بن يزيد»،

و «عبدالله بن فروخ»، و «ابن غانم الرعيثى»، و «أسد بن الفرات»،

وغيرهم، ومن ثم انتشر هذا المذهب عن طريقهم إلى بقية المدن

المغربية، بعد أن أرسوا قواعده بها.

وشاركت مدينة «فاس» التى أسسها «الأدارسة» أختها «القيروان»

فى الأخذ بهذا المذهب عن طريق الهجرات العربية الوافدة إليها عبر

المضيق من «الأندلس»، ثم انتشر هذا المذهب فى كل من: «تلمسان»

و «تونس» و «سوسة» و «صفاقس»، وغيرها من المدن المغربية.

ولقد شهد «المغرب» التيار الخارجى بشقيه «الصفرى» و «الإباضى»

فى العقد الثالث من القرن الثانى الهجرى، ونجح «الصفرية» فى

تأسيس «سجلماسة» فى سنة (١٤٠هـ)، كما نجح «الإباضية» فى

تأسيس «تهيرت» فى سنة (١٦١هـ= ٧٧٨م)، واعتنقت القبائل البربرية

مذهبيهما، وقامت على أكتافهم دولتاهما.

ثم وجد الشيعة والمعتزلة والمرجئة طريقهم إلى هذه البلاد، إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>