جعله أميرًا على الحج فى العام التاسع من الهجرة، وأنابه فى
الصلاة عند مرضه - دون غيره -، وكان هذا أقوى مرشح له لتولى
الخلافة بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -.
أبو بكر الصديق ومسئوليات الخلافة:
بعد أن بويع «أبو بكر الصديق» البيعة العامة قام فخطب الناس خطبة
قصيرة، وضح لهم فيها منهجه فى الحكم، فقال بعد أن حمد الله
وصلى على نبيه: «أما بعد أيها الناس فإنى وليت عليكم ولست
بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى، الصدق
أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى أزيح عليه
حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء
الله، لا يدع قوم الجهاد فى سبيل الله إلا ضربهم الله بالذلّ، ولا تشيع
الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت الله
ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى
صلاتكم يرحمكم الله».
كلمات قليلة وبسيطة، لكنها في غاية الأهمية، تحمل اعتراف الخليفة
الأول بحق الأمة فى مراقبة تصرفات حاكمها ونقده وتقويمه إن جانب
الصواب.
كان أول القرارات التى اتخذها «أبو بكر» وأصعبها قراره بإنفاذ
جيش «أسامة» إلى «جنوبى الشام»، كما أمر به رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، وذلك لأن «الصديق» أقدم عليه فى ظروف دقيقة
وحرجة، فالعربُ قد ارتدت عن الإسلام، حتى «مكة» نفسها همت
بالردة، لولا أن «سهيل بن عمرو» روَّعهم، قائلا: «لماذا ترتدون
والنبوة كانت فيكم، والخلافة أصبحت فيكم؟»، وحاولت «الطائف»
أن ترتد، فمنع من حدوث ذلك عقلاؤها؛ إذ قالوا لقومهم: لقد كنتم
آخر من أسلم، فلا تكونوا أول من يرتد.
كما استفحل أمر مدعى النبوة «مسيلمة الكذاب» فى «اليمامة»
شرقى شبه الجزيرة العربية، و «طليحة بن خويلد الأسدى» فى «بنى
أسد»، فى منطقة «بذاخة» -ماء لبنى أسد يقع إلى الشرق من
«المدينة المنورة» - و «لقيط بن مالك» فى «عمان» جنوبى شرقى
بلاد العرب، و «الأسود العنسى» فى «اليمن».