وكان المشتغلون بمالية الدولة -دائمًا- تحت المراقبة الشديدة،
والحساب المستمر، والعقاب السريع فى حالة التقصير.
وتأتى الزكاة فى مقدمة مصادر الدخل المالى لهذه الدولة، ثم تليها
الجزية المفروضة على أهل الكتاب نظير ما يتمتعون به من أمن
وحماية، وقد فُرضت الجزية على الرجال الأحرار العقلاء، ولم تُؤخذ من
النساء، ولا من الصبية والمجانين والعبيد، وكان مقدارها موكولاً إلى
ولاة الأمر واجتهادهم. أما فيما يتعلق بالضرائب، فإن المرابطين فى
بداية عهدهم التزموا بأحكام الشرع، ولم يفرضوا إلا ما جاء بالكتاب
والسنة، وألغوا ما عدا ذلك من الضرائب بالمغرب والأندلس، وشكلت
الغنيمة مصدرًا مهما من مصادر الدخل للدولة، نظرًا للمعارك الكثيرة
التى خاضها المرابطون ضد الإفرنج.
وقد ساهمت المصادر المالية المتنوعة فى الإنفاق على تجهيز
الحملات العسكرية المتكررة، وإقامة المنشآت، والإنفاق على أوجه
الإصلاح والتعمير، فضلا عن المرتبات والأرزاق، وأصدر المرابطون
العملات النقدية لتأكيد سلطانهم الاقتصادى.
واهتموا بالزراعة وما يتعلق بها، فشيد «على بن يوسف» قنطرة
على نهر «تانسيفت» لتوزيع المياه اللازمة للزراعة، فشهدت البلاد -
لخصوبة أرضها- وفرة فى المزروعات، وكذلك فى الغابات التى
نبتت فى أجزاء متفرقة من البلاد. فأمدت البلاد بكميات وفيرة من
الأخشاب التى استخدمت فى كثير من الصناعات مثل صناعة السفن.
وكان للصناعة دور بارز فى ازدهار اقتصاد «دولة المرابطين»؛ حيث
ازدهرت صناعات كثيرة ومتنوعة نتيجة استقرار الأوضاع، وتوافر
المواد الخام، ووجود الخبرة الصناعية المتمثلة فى الأيدى العاملة
التى حركت عجلة التصنيع، ودفعتها إلى الأمام.
وقد ظهرت عدة صناعات منها: صناعة السفن والزجاج، وأدوات
النحاس والحديد، واستخراج الزيوت من الزيتون، والسكر من القصب،
وكذلك صناعة الملابس من القطن والصوف، وصناعة دبغ الجلود.