وشاركت التجارة فى دفع عجلة الاقتصاد بدولة المرابطين منذ
تأسيسها؛ حيث وجه أمراء هذه الدولة اهتمامهم إلى التجارة،
وعملوا على تنشيطها؛ بتشجيع التجار على ارتياد البلاد، ووفروا لهم
سبل الإقامة، وأنشأوا لهم الفنادق، مثلما فعل «يوسف بن تاشفين»
حين دخل مدينة «فاس» فى سنة (٤٦٢هـ= ١٠٦٩م).
وقد وُجدت المراكز التجارية فى أنحاء دولة المرابطين، وبخاصة فى
العاصمة «مراكش» التى حظيت باهتمام التجار، وصارت مركزًا للتجارة
الداخلية بين مدن الشمال والجنوب، كما كانت مدينة «فاس» مركزًا
تجارياًّ مهماًّ، لموقعها الممتاز فى قلب البلاد، وتوافر المحاصيل
الزراعية والصناعات المختلفة بها.
وارتبطت مراكز التجارة الخارجية بالمغرب الأقصى فى عهد
المرابطين، بعدة طرق برية يضاف إليها الطريق الملاحى الذى تنقل
التجارة بواسطته من هذه البلاد وإليها، وكانت أهم الطرق البرية
هى: الطريق الذى كان يربط البلاد بمنطقة «السنغال» و «النيجر»؛ إذ
كان يمر بسجلماسة «ودرعة» ومدن «المغرب الأقصى»، متجهًا إلى
«أودغشت»، ثم إلى منحنى «النيجر»، وهناك طريق الساحل الذى
يربط «دولة المرابطين» بالشرق حتى «مصر»، إلى جانب طريق آخر
من «أودغشت» و «سجلماسة»، تسير فيه القوافل بالصحراء حتى
«الواحات الداخلة» بمصر.
وكان للموانى المنتشرة على ساحل «البحر المتوسط» و «المحيط
الأطلسى» أثر كبير فى تنشيط حركة التجارة، فتنوعت صادرات
البلاد، وشملت: القطن، والقمح، والسكر، والزيتون، والزيت
المستخرج من الأسماك، والنحاس المسبوك، وغيرها من الصادرات.
أما أهم وارداتها، فكانت: الذهب، والزئبق، وبعض أنواع النسيج
البلنسى، والعطر الهندى، وبعض الواردات الأخرى.
الحياة الاجتماعية فى دولة المرابطين:
شكل البربر الغالبية العظمى من سكان «بلاد المغرب» الذين تأسست
على أيديهم دولة المرابطين، وقد شاركهم العرب فى الإقامة بالمنطقة