ذلك موقعها الاستراتيجى فى مفترق طرق الأطلس والصحراء، وقربها
من مواطن المصامدة الذين يشكلون غالبية السكان، وكذلك قربها من
صحراء المرابطين ومواطن «لمتونة»؛ حيث توجد الإمدادات العسكرية،
وتأسست «مراكش» على أرجح الآراء فى سنة (٤٥٤هـ= ١٠٦٢م)،
وشارك الأمير «يوسف» فى البناء لتشجيع من حوله فى المساهمة،
ثم بنى فيها ابنه الأمير «على» قصره المعروف بدار الحجر، وأحاطه
بالأسوار.
الحياة الفكرية:
عاشت «دولة المرابطين» نهضة فكرية مزدهرة، ازدهرت فيها علوم
الأدب واللغة والعلوم والفلسفة والطب، ووفد طلاب العلم على المدن
المغربية من كل مكان، وقد ساعد على ذلك تشجيع الأمراء المرابطين
للعلماء وطالبى العلم، فقصد العلماء العاصمة «مراكش»، وانتظم
الطلاب فى دراساتهم، واجتهد كل ذى موهبة فى إبراز ما لديه،
ورغب كثير من أبناء «المغرب» فى طلب العلم، لأن مناصب الدولة
ووظائفها كانت مقصورة على المتعلمين والمثقفين.
وأصبحت «مراكش» تضاهى «بغداد» فى ازدهار العلوم وكثرة
العلماء وشاركتها مدينة «فاس» التى أسسها «إدريس بن عبدالله»
فى المكانة، وظل مسجدها الكبير (جامع القرويين) مركز إشعاع
علمى يقصده طلاب العلم من كل مكان.
العلوم الدينية:
أسهمت الروح الدينية التى سادت «بلاد المغرب» منذ قيام «دولة
المرابطين» فى ازدهار العلوم الشرعية؛ مثل: علوم التفسير والحديث
والفقه والكلام، ووفود كثير من علماء الأندلس على مراكش وغيرها
فأسهموا فى دفع حركة التأليف، وشاركهم أبناء المغرب الذين
أقبلوا على الدراسة والبحث فى دفع هذه الحركة، فنبغ عدد كبير
من العلماء.
وعنى المغاربة بكتاب «الوجيز» فى التفسير لعبدالحق بن غالب بن
عطية المحاربى، المتوفى فى سنة (٥٤١هـ= ١١٤٦م)؛ حيث جمع فيه
«ابن غالب» خلاصة التفاسير كلها، وتحرَّى منها ما هو أقرب إلى
الصحة.
ونال علم الحديث عناية فائقة من ولاة الأمر، وكان «موطأ» الإمام