الموحدين على تعيين كبار القضاة بأنفسهم، وأحاطوهم بالهيبة
والجلال، وجعلوهم نوعين، هما: قضاة المدن المغربية، وقاضى
الجماعة بالعاصمة، وكان قاضى الجماعة أعظم رتبة ومنزلة من بقية
القضاة، وهو يوازى قاضى القضاة بالمشرق، وكان مقصورًا على
قاضى «مراكش» وقاضى «قرطبة» ويتم تعيينه من الخليفة مباشرة.
ومُنح القضاة الحق فى مراقبة جميع العمال والولاة، وجمع بعضهم
بين وظائف القضاء والكتابة والمظالم، كما جمع بعضهم بين وظيفتى
القضاء بالمغرب و «الأندلس».
الحياة الاقتصادية فى دولة الموحدين:
نعمت البلاد بالرخاء الاقتصادى فى عهد الموحدين؛ إذ وضعوا نظامًا
مالياًّ دقيقًا، تمثل فى الإدارة المشرفة على الجوانب المالية فى
الجباية والإنفاق، فضلا عن وجود دواوين للمال بالعاصمة، وديوان
للمال بكل إقليم يختص بماليته، وأفرد الموحدون دارًا للإشراف على
النواحى المالية، كما استحدثوا منصب الوزير المسئول عن الشئون
المالية أطلقوا عليه اسم «صاحب الأشغال»، ومهمته استخراج الأموال
وجمعها وضبطها، وتعقب نظر الولاة والعمال فيها، ثم تنفيذها على
قدرها وفى مواقيتها، وكان يعاون صاحب الأشغال رؤساء الدواوين
المالية بالدولة.
فوفرت هذه المصادر إلى جانب الزكاة وخمس الغنائم أموالا كثيرة
لخزينة الدولة، أُنفق معظمها على إعداد الجيش فى البر والبحر،
ودفع مرتبات الوزراء ورجال البلاط والحشم والقضاة والفقهاء،
وكذلك فى الإنفاق على الطلبة المنتظمين بالمدرسة التى أنشأها
الخليفة «عبدالمؤمن»، كما أنفق منها على إنشاء المدن والقصور
والحصون وغيرها من المنشآت.
وأصدر الموحدون عملة نقدية من الدنانير والدراهم.
وقد اهتم الموحدون بالزراعة وشجعوا المزارعين على استغلال
الأرض، ووفروا لهم المياه اللازمة للزراعة، فتوافرت محاصيل القمح
والشعير، والقطن، وقصب السكر، وغير ذلك من المحاصيل، كما
نعمت البلاد بأصناف الفواكه المتنوعة مثل: العنب والتفاح والكمثرى،