للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهزم فيها والى البيرة ووقع فى الأسر، وقتل كثير من رجاله، ثم

أطلق سراحه؛ فانضم إلى «ابن حفصون» وتحالف معه.

أما «سوار» فقد قوى أمره وتضاعف مؤيدوه، وتوجه نحو غرناطة

حيث دارت معارك بينه وبين المولدين، وتمكن من هزيمة «ابن

حفصون»، ولكن خصوم «سوار» دبروا له من قتله فى كمين فلم تدم

رئاسته للعرب إلا نحو عام، وخلفه سعيد بن سليمان بن جودى

السعدى زعيم هوازن، وكان معروفًا أيضًا بالفروسية والخطابة

والشعر، ونجح بفضل التفاف القبائل حوله من إلحاق الهزيمة بابن

حفصون مرارًا، ورأى الأمير «عبدالله» أن العرب يسيطرون على

البيرة فعين سعيداً واليًا عليها وبقى بها عدة أعوام ثم انتهى أمره

مقتولاً.

وآلت رئاسة العرب لمحمد بن أضحى الهمذانى صاحب حصن الحامة

(الحمة)، وأقر الأمير اختياره، وتجددت المعارك بينه وبين «ابن

حفصون» ولم تسفر عن نتيجة حاسمة، واستمر «محمد» رئيسًا على

المنطقة حتى تمكن «عبدالرحمن الناصر» فيما بعد من الاستيلاء على

حصن الحامة وغيره من المناطق الثائرة.

وقد اتسع نطاق الثورة بين المولدين والعرب فثار فى «بطليوس»

وغربى الأندلس عدد من زعماء المولدين، وقامت ثورات أخرى فى

عدد من المواقع شرقى الأندلس، واستمر بعض الزعماء على تمردهم

واستقلالهم حتى عهد الناصر.

أما إشبيلية فكانت مسرحًا لفتنة طال أمدها، ويرجع ذلك إلى طبيعة

سكانها الذين كانوا مزيجًا من العرب والمولدين والنصارى، وكان

سكانها العرب من أصحاب الثروات والنفوذ وقد جرى لها ما جرى

لغيرها، فظهر فيها ثائرون متطلعون للزعامة من أمثال بنى عبدة،

وبنى حجاج، وبنى خلدون، وإلى جانب هؤلاء وجد بعض المولدين

الأغنياء وكان التنافس بينهم وبين العرب شديدًا أدى ذلك إلى

فوضى واضطراب فى المجتمع.

ولم تشغل الثورات فى «إشبيلية» و «باجة» و «البيرة» و «تدمير»

وغيرها حكومة قرطبة عن العمل للقضاء على المولدين وزعيمهم

«عمر بن حفصون» فى الجنوب، ولم يمض عامان على هزيمته فى

<<  <  ج: ص:  >  >>