للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بلاى» حتى أعاد تنظيم قواته، فأخذت الإمارة توالى إرسال

الحملات عليه فسار إليه «المطرف ابن الأمير عبدالله» فى سنة

(٢٨١هـ= ٨٩٤م) وحاصره فى «ببشتر» وخرج الثائر للقتال، فانهزمت

قواته، وقتل أشجع قواده.

وما إن عاد جيش الأمير إلى قرطبة حتى جمع ابن حفصون مجموعة

وتوجه نحو «أستجه» فى الجنوب الغربى من العاصمة، واستولى

عليها ثانية عام (٢٨٤هـ= ٨٩٧م) فتوجه المطرف لقتاله فى العام التالى

واخترق الجزيرة الخضراء، وقام بالهجوم على بعض الحصون ووصل

إلى «ببشتر»، وقامت بعض المعارك التى لم تسفر عن شىء.

وفى عام (٢٨٦هـ = ٨٩٩م) أعلن «ابن حفصون» اعتناقه النصرانية

وتسمى باسم «صمويل»، وكان هذا بداية نهايته، فقد تخلى عنه

بعض جنده وقواده وظلوا معتصمين فى حصونهم، وأرسلوا يعلنون

ولاءهم للأمير عبدالله واستعدادهم للجهاد معه ضد «ابن حفصون»،

وحاول «ابن حفصون» من جانبه تقوية مركزه فعقد تحالفًا مع ملك

ليون، وبعض أمراء غربى الأندلس.

وعادت الحرب من جديد بين «ابن حفصون» يعاونه أمير «إشبيلية»

وبين جند الإمارة، وكان اللقاء الأول عند «استجة» وانتهى بهزيمة

«ابن حفصون» هزيمة منكرة عام (٢٨٩هـ = ٩٠٢م)، وتخلى عنه حليفه

«إبراهيم بن حجاج» وعاد إلى طاعة الأمير، وتوالت حملات الأمير بعد

ذلك ووصل إلى حصون «ابن حفصون» ومعقله فى «ببشتر»

وطاردته، وقد حطمت قوى هذا الثائر وأنهكته وأضعفت قواه إلا

أنها لم تصل إلى القضاء عليه تمامًا.

ويجدر بالذكر أن سلطة الأمير الأندلسى لم تنكمش كما انكمشت فى

عهد الأمير «عبدالله»، فلم تتجاوز سيطرته أحيانًا قرطبة وضواحيها

وقضى خمسة وعشرين عامًا هى مدة حكمه فى كفاح وصراع

دائمين بهدف حماية الدولة والحكم الأموى من الانهيار، وقد نجحت

جهوده فى تفرقة الثوار والسيطرة على بعض القواعد والحصون

المهمة، وفى استمالة بعض الزعماء من ذوى النفوذ، وكان ذلك

معاونًا للأمير عبدالرحمن الناصر فيما تحقق من نتائج فيما بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>