للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاينبغى هنا نسيان الجهد الذى قام به بعض القادة العسكريين

الموهوبين فى تحقيق النجاح للأمير «عبدالله» ويأتى على رأس

هؤلاء «بنو عبدة» موالى «بنى أمية» ومنهم: «أبو العباس أحمد بن

أبى عبدة» الذى قضى من عمره ثلاثين سنة يجاهد فى سبيل وحدة

الأندلس، وكذلك ابن أخيه «عبيدالله محمد بن أبى عبدة» الذى حقق

انتصارًا رائعًا على «ابن حفصون» فى حصن «بلاى»، والقائد «جعد

بن عبدالغافر» الذى أسهم كثيرًا فى إضعاف قوى «ابن حفصون»،

وكذلك الزعيم البربرى «سليمان بن دانوس».

ومن الطبيعى فى ظل هذه الفتن الدائمة ألا يتمكن الأمير «عبدالله»

من القيام بغارات ضد النصارى بسبب انشغاله بمحاربة الثائرين

والمتمردين، ولم يقم النصارى من جانبهم بأية محاولة ضد الأراضى

الإسلامية غير أن ملك ليون (جليقية) حاول إشعال الفتنة بين المسلمين

وتشجيع الثوار وعلى رأسهم «ابن حفصون» على العمل ضد حكومة

قرطبة.

ومن الحوادث البارزة فى زمن الأمير «عبدالله» فتح جزر «البليار» أو

الجزائر الشرقية، ومن المعروف أن «عبدالرحمن الأوسط» كان قد

أرسل حملة إلى «ميورقة» فلما كانت سنة (٢٩٠هـ = ٩٠٣م) سارت

إليها قوة بحرية من المجاهدين يقودها «عصام الخولانى»، وقامت

بمحاصرتها حتى تم فتحها، وتولى القائد إمارتها، ومنذ ذلك الحين

وهى جزء من الدولة الإسلامية.

وكان من الطبيعى أيضًا ألا يتسع عهد الأمير «عبدالله» للأمور

الإنشائية ولايذكر له فى هذا المجال إلا «الساباط» الموصل بين القصر

والمسجد الجامع وهو ممر مسقوف مبنى فوق عقد كبير يفضى من

القصر إلى الجامع ويتصل به قريبًا من المحراب.

كان الأمير «عبدالله» عالمًا أديبًا شاعرًا فصيحًا يتصف بالتواضع

والجود والبر بالفقراء، حريصًا على رفع الظلم والتخفيف من معاناة

الشعب، وقد خصص يومًا من كل أسبوع للفقراء، كما أقام بابًا

حديديا أسماه «باب العدل» تقدم عنده الشكاوى والتظلمات، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>