للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارمًا عنيفًا مع الطغاة، فشاع العدل فى زمنه، وقد آثر الاحتشام

والتقشف فى حياته الخاصة.

وقد تولى الحجابة له «عبد الرحمن بن أمية بن شهيد»، ثم «سعيد بن

محمد بن السليم» ثم عزله ولم يولِّ أحدًا، واكتفى بالوزراء والكتاب،

وبرز من بينهم بدر الخصى الصقلبى. وقد اعتمد - بالإضافة إلى العرب

والبربر - على الموالى والفتيان، وقدَّم الموالى الشاميين على

البلدانيين كما فعل أبوه.

وقد جرى حادث مؤسف داخل الأسرة الأموية يتمثل فى قتل الأمير

«عبد الله» لولده «محمد» لاتهامه بالتواطؤ مع الثوار لكنه ندم على

ذلك، وتحول ندمه، إلى عطفٍ وبر بطفل للقتيل لم يكن قد تجاوز

عمره أسابيع ثلاثة عند مقتل أبيه فعنى بتربيته وتعليمه وجعله

موضع سره، وشاء الله أن يتولى هذا الطفل أمر الأندلس بعد جده

ويصبح أعظم حكامها على الإطلاق.

وللأمير أشعار جيدة خاصة فى الغزل والزهد، وكان يقرب الشعراء

ويؤثر مجالسهم ومجالس العلماء، ويأتى على رأس شعرائه «ابن

عبدربه» وغيره، و «بقى ابن مخلد» على رأس الفقهاء وأصحاب

الرأى الذين كان الأمير عبد الله يستشيرهم ويستأنس برأيهم.

وقد توفى الأمير «عبد الله» فى (أول ربيع الأول سنة ٣٠٠هـ =

٩١٢م).

عبد الرحمن الناصر (العصر الذهبى لبنى أمية فى الأندلس

[٣٠٠ - ٣٥٠ هـ = ٩١٢ - ٩٦١ م].

بدأ «عبد الرحمن» حكمه فى (ربيع الأول سنة ٣٠٠هـ = أكتوبر ٩١٢م)

بعد أن بايعه الجميع بنفس راضية فى المجلس الكامل بقصر قرطبة مع

وجود كثير من أعمامه، لكن «عبد الرحمن» اكتسب محبة الناس بحسن

أخلاقه وتوسطه بين الأمراء وأهل الدولة وبين جده فنال محبتهم

وولاءهم، وكان عليه أن ينهض بمهمة ثقيلة، فقد تعرضت الإمارة

للثورات من كل ناحية حتى أصبحت لايحسد عليها صاحبها، ولعل هذا

أحد الأسباب التى جعلت أعمام «عبد الرحمن» ينصرفون عن

منافسته، لشعورهم بعظم المسئولية التى تنتظر من يتولى الإمارة.

وقد أثبت هذا الشاب أنه يمكن إعادة بناء دولة ضعف بنيانها بالخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>