للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتين وحسن التدبير غير أنه لا ينبغى نسيان فضل الأمير «عبدالله»،

فلولا إصراره على تحطيم قوى الثائرين - خاصة «ابن حفصون» -

ولولا تدبيره شئون الدولة بالقليل من المال، ما استطاع «عبدالرحمن»

أن يوحد البلاد وينهض بها، وكذلك لا ينبغى نسيان فضل البيوت

العربية التى وقفت إلى جانب الإمارة تعاونها وتشترك معها فى

مواجهة المشاكل بأنواعها كافة.

عبدالرحمن والأوضاع الداخلية:

أدرك عبدالرحمن أنه لابد من مواجهة الكفاح ضده وعدم تمكينه من

تحقيق هدفه، فبدأ بإرسال جيش بعد أسابيع قليلة من ولايته إلى

قلعة «رباح» شمالى قرطبة لمواجهة ثائر من زعماء البربر يدعى

«الفتح بن موسى بن ذى النون» وتمكن من هزيمته، كما هزمت

الحملة نفسها بعض المتحالفين معه، وكان لهذا الانتصار فى مطلع

ولاية «عبدالرحمن» أثره فى إرهاب الثائرين.

ثم أرسل «عبدالرحمن» جيشًا فى (جمادى الأولى سنة ٣٠٠هـ =

ديسمبر ٩١٢م) أعاد مدينة «أستجة» التى كان «ابن حفصون» قد

ضمها إليه، وقام القائد بهدم أسوارها وهدم قنطرتها، وانقطع رجاء

أهلها فى القيام بثورة، بعد ذلك جهز «عبدالرحمن» جيشًا ضخمًا

أنفق زمانًا طويلا فى إعداده واختار فرسانه بنفسه وزوده بكل ما

يحتاج إليه، وخرج على رأسه فى (شعبان سنة ٣٠٠هـ = مارس

٩١٣م)، واتجه أولا إلى الجنوب الشرقى حيث انضم إليه أحد

المخلصين للإمارة، ثم مضى فى طريق «جيان»، وأرسل بعض قواته

إلى مالقة، وأمَّنها، وهناك عسكر فى قلب المنطقة التى ظن «ابن

حفصون» أنها معقله، وهنا رغب عدد من الثائرين فى الاستسلام

فمنحهم «عبدالرحمن» الأمان، ثم استولى على وادى أسن، وحصن

المنتلون، وأسر عددًا من حلفاء «ابن حفصون» فى ولاية «غرناطة»

واستولى على كل ما كان بيده فى ولاية «جيان»، ثم واصل سيره

حتى وصل إلى ساحل البحر، ومازال عبدالرحمن يجول فى تلك

الأنحاء ويستولى على حصونها المهمة واحدًا تلو الآخر حتى قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>