للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عناصر الثورة بها وبلغ عدد هذه الحصون نحو سبعين حصنًا، ثم

عاد إلى قرطبة أيام عيد الأضحى بعد غياب دام نحو ثلاثة أشهر.

ثم أرسل الأمير حملة حاصرت «إشبيلية» وهدمت أسوارها سنة

(٣٠١هـ = ٩١٣م) وانتهت بذلك ثورة العرب والمولدين فى هذه القاعدة

المهمة التى كان «ابن حفصون» يتعاون مع الثائرين بها، ورأى

الأمير أنه إذا حرمه من هؤلاء الحلفاء، فإنه سيستسلم من تلقاء

نفسه.

وفى (شوال من عام ٣٠١هـ = مايو ٩١٤م)، سار «عبدالرحمن» إلى

جبال «رنده» التى بها المعقل الرئيسى لابن حفصون - وكان قد بسط

نفوذه عليها ثانية - واستولى الأمير على عدد من الحصون فى

الطريق؛ حيث بدأ بمحاصرة قلعة «طرش» - شرقى مالقة - ثم سار إلى

حصون «رية» يفتحها الواحد وراء الآخر، والتقت قواته مع «ابن

حفصون» وتعرض الثائر وحلفاؤه لهزيمة مريرة اضطر إلى الارتداد

ناحية الغرب، واستولى «عبدالرحمن» على سفن كانت تحمل له زادًا

قادمًا من بلاد المغرب ثم توجه إلى الجزيرة الخضراء واقتحم

حصونها، ثم سار منها إلى «شذونة» ثم «قرمونة» ورجع بعد ذلك

إلى «قرطبة» بعد أن ضيق الخناق على «ابن حفصون».

وقد ظن «ابن حفصون» أنه إذا ارتد إلى النصرانية، فإن ذلك يكسبه

ولاء طائفة المستعربين فى الأندلس، لكن هذا الارتداد أضره فانصرف

عنه كثير من المسلمين والنصارى، بل إن أبناءه أنفسهم - باستثناء

ولد له وبنت - لم يوافقوا على التنصر، واضطر ابن حفصون إلى أن

يبعث برسالة إلى «عبدالرحمن الناصر» يطلب الصلح والأمان وقد

وافق الناصر على الفكرة مع الحذر من مكر الثائر وغدره، واتصل

بأكابر أعوانه ومنحهم الأمان، وتمت كتابة شروط الصلح، وبمقتضاها

دخل مائة واثنان وستون حصنًا فى طاعة الناصر، وقد سُرَّ كلا

الطرفين بهذا الصلح، وتلقى الناصر هدية قيمة من ابن حفصون بهذه

المناسبة وكافأه عنها بأضعافها.

وفى شهر (ربيع الأول سنة ٣٠٦هـ = أغسطس ٩١٨م) مات «عمر بن

<<  <  ج: ص:  >  >>