للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لملك «نبرة» لمهاجمة أراضى «بنى قسى» أصحاب «طليطلة»،

وأحرقت الزروع وعاثت فسادًا، وأحرقت بعض المساجد، ولهذا أعد

عبدالرحمن جيشًا ولَّى قيادته حاجبه «بدر بن أحمد» الذى احتشد له

النصارى من كل ناحية، وتقدم المسلمون كالسيل إلى حدود ليون

وهزموا النصارى هزيمة ساحقة فى موقعتين، ومع ذلك استمر

النصارى يغيرون على الأراضى الإسلامية، وجرت حروب كانت سجالا.

صمم عبدالرحمن على أن يخرج بنفسه لمقاتلة النصارى، فخرج من

قرطبة فى (١٣ من المحرم سنة ٣٠٨هـ = أوائل يونيو سنة ٩٢٠م) فى

جيش ضخم، وانضم إليه كثير من أهل الثغور، وقد اخترق أراضى

الثغر الأوسط من طليطلة شمالا واتجه إلى طريق ألبة والقلاع

«قشتالة»، ووصل إلى «قلونية» ونسف وخرب دون أن يعترضه

النصارى لأن ملكى ليون ونبرة كانا ينتظران بجموعهما فى الشمال.

وقد عرج «عبدالرحمن» على «تطيلة» واستولى على حصون مهمة

بها، ثم عبر نهر «إبرة» حيث وجد الملكين فى كامل قواتهما، وقد

أرادا استدراج الناصر إلى شُعَب الجبال، لكنه نجح فى سحبهما إلى

السهل المنبسط وعسكر غربى «بنبلونة» عند بلدة تسمى

«خونكيرا»، وعندما انحدر النصارى من الجبل إلى السهل، أوسعهم

المسلمون قتلا وأسرًا وفتكوا بالعديد من أساقفتهم وزعمائهم

ومزقوهم، ثم هدم عبدالرحمن حصونهم، وأصلح حصون المسلمين

بهذه النواحى، وجرت هذه الموقعة فى (٦من ربيع الأول سنة ٣٠٨هـ

= ٢٦ من يوليو سنة ٩٢٠م)، وقد استغرقت غزوة الناصر هذه ثلاثة

أشهر، وكانت أول غزوة له ضد ملوك النصارى.

لم ترتدع قوى النصرانية رغم ما تعرضوا له من هزائم وأخذوا

يهاجمون الأراضى الإسلامية، واستولوا على بعضها، لذلك خرج

«عبدالرحمن» إليهم مرة أخرى فى (المحرم سنة ٣١٢هـ = ١٧ من

أبريل ٩٢٤م) وسلك اتجاه الشرق مخترقًا كورة تدمير فبلنسية، ثم

دخل إلى طرطوشة فسرقسطة ثم تطيلة، ثم دخل أراضى «نبرة» حيث

استولى على كثير من الحصون وهدمها، ثم قصد بعد ذلك بنبلونة -

<<  <  ج: ص:  >  >>