للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طليطلة ثم عبر نهر «دويرة» متجهًا نحو قلعة «شنت مانكش» حيث

كان ملك ليون قد عسكر مستعدا وحالفه «أمية بن إسحاق» وملكة

نبرة التى نقضت عهدها، وبذلك اتحدت قوى النصرانية من جديد

ووقفت صفا واحدًا فى مواجهة المسلمين.

وجرت بين الطرفين موقعة تعد من كوارث التاريخ الأندلسى، عرفت

بموقعة الخندق، وتفيض المصادر الإسبانية فى وصف ما حدث، بينما

تقدمها الرواية الإسلامية فى صورة مقتضبة، وقد جرت وقائعها على

باب قلعة «شنت منكش» (سيمانقة) وكانت الحرب سجالا، ثم انكشف

المسلمون انكشافًا لم يسمع بمثله وردهم العدو إلى خندق عميق

نسبت الموقعة إليه، وقد تساقط فيه المسلمون حتى امتلأ بهم عن

آخره وانكشف الناصر واستولى العدو على محلاته وما فيها من عدة

ومتاع وفقد مصحفه الشريف ودرعه.

وكان للخونة وعلى رأسهم «فرتون بن محمد الطويل» أثره فى

الهزيمة، وقد أعدمه الناصر جزاءً وفاقًا لخيانته، كما كان لتولية

قائد صقلبى أثره فى امتعاض العرب وتأثيره على روحهم المعنوية

أثناء القتال، وقد قتل ذلك القائد فى المعركة، وأسر من كبار

المسلمين «محمد بن هاشم التجيبى» وبقى فى أسر ملك ليون مدة

عامين حتى افتداه الناصر بمبلغ كبير.

وهذه خاتمة معارك الناصر الحربية، فلم يغز بعدها بنفسه واقتصر

تقليد شئون الثغر الأعلى على أكابر رجاله ممن ورثوا الصلابة والبأس

عن الأجداد، من أمثال آل تجيب وآل ذى النون وآل زروال وآل

الطويل وآل رزين وغيرهم، وكان الناصر يزورهم كل عام ويزودهم

بالعُدَد والسلاح، وقد استأمن «أمية بن إسحاق» الذى تحالف مع

النصارى فوافق الناصر على تأمينه عملا بسياسته فى اصطناع

الخصوم الأقوياء.

أرسل ملك ليون يطلب الصلح مع الناصر فاستجاب له الأخير، لكنه

كان صلحًا قصير الأمد كالعادة، كما عقد الناصر صلحًا مع ملك

برشلونة وغيره، لكن ملك ليون لم يحترم الصلح وهاجم الأراضى

الإسلامية، فاضطر المسلمون إلى غزو مملكة ليون سنة (٣٢٩هـ =

<<  <  ج: ص:  >  >>