للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصر لدين الله، وقد أرسلت نسخ من هذا الإعلان إلى إفريقية

والمغرب، وبذلك أصبحت الخلافة الأموية مساوية للخلافة العباسية،

ويناط بها رعاية شئون المسلمين، وتولية أمر الإسلام فى الجناح

الغربى من العالم الإسلامى.

وقد استتبع ذلك تغييرًا كبيرًا فى شكل الإمارة القرطبية ونظامها؛

حيث وضعت لها هياكل إدارية تعكس هيبة الدولة وتمنح البلاط

القرطبى وجاهة أكثر. وكثر القواد فى جيش الخلافة وتنوعت مراتبهم

وكثر الوزراء أيضًا وتضاعفت هيبتهم.

وكانت سياسة الناصر تقوم على النقل المستمر لوزرائه وولاته

وقواده حتى لا يطول أمد الواحد منهم فى وظيفته، وقد يدفعه ذلك

إلى الاستبداد بالسلطة ..

لقد كان عبدالرحمن يؤمن بالسلطان المطلق للخليفة، ولايسمح لكبار

رجال الدولة بإملاء رأى عليه، كما لايمنح ولاة الأقاليم شيئًا من

الاستقلال، ويرى أن الرعية ينبغى أن تكون رعية مطيعة تأتمر بأمر

الخليفة خاصة بعد الانتصارات التى حققها على المستويين الداخلى

والخارجى، وكان يلقى وزراءه فى مجلس فخم يعد كل شىء فيه

بنظام مرتب.

ورغم ميل الناصر إلى الاستبداد فإنه لم يعرف عنه أنه كان ظالمًا،

ولم تذكر المصادر أنه قتل وزيرًا أو صادر مالا أو اعتدى على حق

لأحد أو بالغ فى عقوبة، وربما كان الوحيد بين خلفاء المسلمين

بالأندلس فيما يتعلق بتصرفاته فى الخلافة وسلوكه بما يتفق مع

مكارم الأخلاق ومبادئ الإسلام، وبهذه الأخلاق والوفاء استطاع

الناصر بعد عشر سنوات من حكمه أن يعيد النظام والهدوء والوحدة

والأمان إلى دولته الواسعة، كما منح أمانات لبيوتات الثغر الأعلى من

أمثال: بنى هاشم وبنى قسى وبنى الطويل واستفاد بهم وبما

تميزوا به من شجاعة فى حروبه، ونجح فى تحويل ملوك إسبانيا

النصرانية إلى أتباع له أو حلفاء.

إنشاء مدينة الزهراء وزيادة المسجد الجامع:

كثر سكان قرطبة فى عهد الناصر ووصلت مبانيها إلى تل الرصافة

<<  <  ج: ص:  >  >>