محاولة للثورة بمنتهى الشدة سواء قام بها العرب أو البربر، وفى
الوقت نفسه أحسن معاملة القرطبيين، يعاونه فى ذلك مجموعة من
أعوان الخلافة السابقة من أمثال أبى الحزم بن جهور وابن برد.
لكن الأمور ما لبثت أن اتخذت خطا جديدًا، ذلك أن خيران العامرى
دخل قرطبة فلم يجد هشام المؤيد حيا، وخشى سطوة على بن حمود
فغادر قرطبة، وأعلن العصيان واتجه ناحية شرق الأندلس، حيث
يجتمع الزعماء العامريون، وأعاد دعوة بنى أمية فى شخص رجل
منهم اسمه عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله من أحفاد عبدالرحمن
الناصر، وبايعه خيران بالخلافة ولقب بالمرتضى، وانضمت إليه ولايات
سرقسطة والثغر الأعلى وشاطبة وبلنسية وطرطوشة وغيرها،
وسارت قوات هؤلاء نحو غرناطة لمواجهة قوات صنهاجة، وجرت
معركة انتهت بهزيمة الأندلسيين ومقتل المرتضى، وكان «على بن
حمود» قد غيَّر سلوكه، مع أهل قرطبة بسبب علمه بميلهم إلى
المرتضى فنزع سلاحهم وصادر أموالهم واعتقل زعماءهم وعلى
رأسهم «أبو الحزم بن جهور»، ثم تربص جماعة من الصقالبة بعلى
هذا، وقتلوه فى الحمام فى (الثانى من ذى القعدة سنة ٤٠٨هـ =
٢٣من مارس ١٠١٨م) بعد خلافة دامت عامًا وتسعة أشهر.
بعث زعماء زناتة بخبر مقتل «على» لأخيه القاسم الذى كان واليًا
على إشبيلية، فخف مسرعًا، وبويع بالخلافة فى الثامن من الشهر
نفسه وتلقب بالمأمون، وقد مال فى سياسته إلى اللين والإحسان
إلى الناس وحاول التقرب إلى الفتيان العامريين، فولَّى زهير
العامرى على جيان وقلعة رباح لكنه لم يستطع التخلص من سيطرة
البربر عليه، فتآمر عليه أبناء أخيه، وزحف يحيى بن على بن حمود
على قرطبة، وبويع بالخلافة فى جمادى الأولى سنة (٤١٢هـ =
١٠٢١م) وتلقب بالمعتلى بالله، أما القاسم فقد استقر به المقام فى
إشبيلية وتلقب بالخلافة أيضًا.
والعجيب أن كلا الرجلين اعترف لصاحبه بالخلافة، ولم يسمع قبل ذلك
بخليفتين تصالحا واعترف كل منهما بصاحبه من قبل.