الجميع يقودهم أبو الحزم بن جهور على تولية أموى، ووقع
اختيارهم على «هشام بن محمد» الذى بويع ولقب بالمعتد بالله، بيد
أنه ألقى بمقاليد الأمور كلها إلى رجل من المستبدين تولى وزارته
اسمه «سعيد القزاز» بالغ فى اضطهاد زعماء البيوت وإهانتهم
وشغل الخليفة نفسه عن أمور الحكم بشرابه ومجونه، وضاعت هيبة
الخلافة تمامًا.
ثم اضطر القرطبيون الناقمون إلى الفتك بالوزير «سعيد» فى (ذى
القعدة ٤٢٢هـ = نوفمبر ١٠٣١م)، ثم ساروا إلى القصر يتزعمهم «أمية
بن عبدالرحمن العراقى» من أحفاد «الناصر» ونهبوا أجنحة القصر.
وانتهى الأمر باتفاق رأى الناس جميعًا بزعامة أبى الحزم بن جهور
على التخلص من بنى أمية، وإبطال رسوم الخلافة كلها، وإجلاء كل
الأمويين عن مدينة قرطبة، فليس هناك من يستحق الخلافة، وينبغى
أن يتحول الحكم إلى شورى بأيدى الوزراء وصفوة الزعماء أو من
اسماهم «ابن حزم» «الجماعة».
تولى ابن جهور تنفيذ الأمر بمنتهى الحزم حتى أجلى الأمويين عن
المدينة ومحا رسومهم تمامًا، وبهذا انتهت معالم الخلافة الأموية،
وانقطع ذكرها فى كل من الأندلس والمغرب.
عناصر المجتمع الأندلسى:
تكون المجتمع الأندلسى من مجموعة من العناصر المتباينة انصهرت
جميعها فى بوتقة واحدة وكونت المجتمع الأندلسى وهذه العناصر
هى:
(١) العرب، وهم مجموعتان:
المضرية، واليمنية، وقد استمر الصراع بينهما فى الأندلس مثلما كان
فى المشرق، وتتفرع المجموعة المضرية إلى أربعة وعشرين فرعًا
انتشرت فى بلاد الأندلس المختلفة.
أما المجموعة اليمنية فقد وصل فروعها إلى واحد وعشرين فرعًا
تركز وجودها فى الجنوب الشرقى من الأندلس، وكان هؤلاء العرب
أقلية بين عناصر السكان الأخرى لأسباب عديدة، ويرى بعض
الباحثين أن عدد العرب الذين أتوا إلى الأندلس من شمال إفريقية
والشام وصل إلى ما يقرب من (٣٠) ألفًا ارتفع هذا الرقم ليصبح نحو
(٣٠٠) ألف بعد سنوات.