وفى عهد الحكم بدأت تظهر بوادر النزعة الأدبية إلى جانب العلوم
الدينية، وظهر الأدباء والشعراء إلى جانب المحدثين والفقهاء، كما
وجد من نبغ فى النحو والعروض والأخبار والأنساب وغيرها. وكان
الأمير الحكم نفسه أديبًا شاعرًا، وعرف الأندلس فى زمنه شعراء
مبرزين من أمثال العالم عباس بن فرناس ويحيى الغزال الجيانى.
أما فى عهد «عبدالرحمن بن الحكم» فقد بلغت هذه الحركة الفكرية
الأولى ذروتها وظهر كتاب مُبرزون ومفسرون ومحدثون وفقهاء
وشعراء، وكان الأمير نفسه يتمتع بمواهب أدبية وشعرية، وانتشرت
اللغة العربية بين طائفة النصارى المعاهدين، وبرز بعضهم فى
الكتابة.
وشهد عهد الأمير «محمد بن عبدالرحمن» نهضة أدبية وشعرية، ومن
أشهر من ظهروا خلال هذه الفترة الشاعر «عباس بن فرناس» والأديب
الفقيه «أبو عمر أحمد بن عبد ربه» صاحب الكتاب المشهور «العقد
الفريد»، الذى يعتبر من أمتع كتب الأدب العربى، وكان الأمير عبدالله
أيضًا شاعرًا بارعًا فى العربية حافظًا للغريب من الأخبار.
أما عصر «عبدالرحمن الناصر» فقد زهت فيه العلوم والآداب، وراجت
فيه سوق العلم، وظهر أكابر العلماء والشعراء من أمثال «ابن عبد
ربه» المشار إليه آنفًا، و «محمد بن عمر بن لبانة» الذى انفرد بالفتيا
وحفظ أخبار الأندلس وولى الصلاة فى المسجد الجامع، وكان له حظ
موفور فى الفقه والنحو والشعر، ومن محاسن هذا العصر «أبو
الحسن جعفر بن عثمان» المعروف بالمصحفى، البليغ المتميز فى
النظم والنثر، ومن أعلام هذه الفترة القاضى «منذر بن سعيد
البلوطى»، البارع فى علوم القرآن والسنة، والمعروف بجودة خطابته
وفصاحته وجزالة شعره، وغير هؤلاء كثيرون، وقد اتخذ الناصر عددًا
كبيرًا من هؤلاء العلماء والأدباء حجابًا له ووزراء، مثل موسى بن
محمد بن حدير وعبدالملك بن جهور.
ومن أعظم شعراء عصر «الناصر» أبو القاسم محمد بن هانئ الأزدى